السؤال
أريد أن أسأل حول المذهب المالكي الذي يصحّح الصلاة خلف إمام يبدل حرفًا بحرف، إن كان غير عامد، فكيف نعرف هل هو متعمد أم لا؟ وهل يلزم التفتيش في الأمر؟ فأنا أرى كثيرًا من الناس يبدلون الذال بالدال، فهل يدخل هذا التبديل في ما يعذر به متأخرو الأحناف؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد تبيّن لنا من خلال أسئلتك السابقة أن لديك بعض الوساوس -نسأل الله تعالى أن يشفيك منها-.
وننصحك بالإعراض عنها، وعدم الالتفات إليها؛ فإن ذلك علاج نافع لها، وراجع الفتوى: 3086.
ثم إن مذهب المالكية صحة الاقتداء بالإمام الذي يلحن في الفاتحة من غير قصد، حتى لو كان جاهلًا، ويقبل التعليم؛ فصلاته صحيحة، وكذلك صلاة من خلفه، على القول الراجح، وانظر المزيد في الفتوى: 291883.
ولا يلزم التفتيش عن حقيقة لحن الإمام هو متعمد أم لا؟ فالأصل عدم العمد؛ حتى يثبت يقينًا.
ومن المستبعد أن يتعمّد إمام تحريف كلام الله تعالى أثناء صلاته، خصوصًا أن بعض أهل العلم يقول بكفر من تعمّد إبدال حرف من كتاب الله تعالى، وانظر الفتوى: 62078.
والذي يفهم من كلام بعض متأخري الحنفية أن إبدال الذال بالدال من غير قصد، لا يبطل الصلاة، جاء في رد المحتار لابن عابدين: وفي التتارخانية عن الحاوي: حُكى عن الصفار أنه كان يقول: الخطأ إذا دخل في الحروف، لا يفسد؛ لأن فيه بلوى عامة الناس؛ لأنهم لا يقيمون الحروف إلا بمشقة. اهـ.
وفيها: إذا لم يكن بين الحرفين اتحاد المخرج، ولا قُربه، إلا أن فيه بلوى العامة، كالذال مكان الصاد، أو الزاي المحض مكان الذال، والظاء مكان الضاد، لا تفسد عند بعض المشايخ. اهـ.
قلتُ: فينبغي على هذا عدم الفساد في إبدال الثاء سينًا، والقاف همزة، كما هو لغة عوام زماننا؛ فإنهم لا يميزون بينهما، ويصعب عليهم جدًّا، كالذال مع الزاي، ولا سيما على قول القاضي أبي عاصم، وقول الصفار، وهذا كله قول المتأخرين، وقد علمت أنه أوسع. اهـ.
والله أعلم.