السؤال
أسأل عن رأي الدين في الزوج الذي يستلطف التحدث مع النساء، وملاطفتهن، والتحدث إليهن بالكلام الرقيق، ومدحهن، مع أنهن لسن من محارمه. كأن يثني على جمال عينيها، وهكذا، وهذا يكون عبر مواقع التواصل؛ الواتس وغيره. وإذا وقعت عينه على صورة لامرأة جميلة يحفظ الصورة في هاتفه، غير أنه لا يغض بصره إذا رأى النساء المتبرجات بحكم أننا في بلد فيه من التبرج والسفور.
وكل ما تقع عيني عليه -وهو يتحدث مع إحداهن، أو لا يحاول غض بصره- كنت أنصحه في البداية بالكلام اللين، والوعظ، ويعتذر ويعترف بغلطه، ويبرر بأنه مجرد حديث لا يقصد منه شيئا.
استمر الحال أنصحه، وفي كل مرة أشعر بأني أصبحت أكرهه بسبب هذا الطبع؛ لأني أصلا أبغض الرجل الذي يكثر محادثة النساء، والتلطف لهن لغير حاجة.
حاليا أشعر أنني لا أستطيع التعايش مع هذا الرجل، ولا أستطيع أن أمارس معه حياتي الطبيعية، وأصبحت أشعر بالنفور منه. أصبحت لا أملك حتى الرغبة في التزين والتجمل له، وهو أصلا لا يبالي بأنه متزوج، وأغناه الله عن النظر الحرام بالحلال، بالرغم من أني كنت غير مهملة من هذه الناحية.
وحتى لو أثنى عليَّ، أو قال لي بعض الكلام الجميل، أقول في نفسي: إنه يقوله لي ولغيري، فلا أشعر بأي شعور جميل.
أخاف أن أطلب الطلاق، فأكون قد أخطأت، خاصة وأني لا أرى فيه عيبا غير ما ذكرت، أو أكون قد ظلمت ابنتي التي لم تكد تتجاوز عامها الأول.
أرجو منكم نصحي وإرشادي للقرار الصحيح، وما رأي الدين في هذه الحال؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كان زوجك على الحال التي ذكرت من إطلاق بصره إلى الأجنبيات، والتهاون في محادثتهن ومغازلتهن؛ فهو مرتكب لمعصية، ومخالف لأمر الله، ومتعرض للفتن، وقد قال تعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ {النور:30}.
قال القرطبي -رحمه الله- في تفسيره: وغضه واجب عن جميع المحرمات، وكل ما يخشى الفتنة من أجله. انتهى.
وعَنْ جَرِيرٍ قَالَ سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ نَظْرَةِ الْفَجْأَةِ فَقَالَ: اصْرِفْ بَصَرَكَ. رواه أبو داود.
قال ابن القيم -رحمه الله-: وأمر الله تعالى نبيه أن يأمر المؤمنين بغض أبصارهم، وحفظ فروجهم، وأن يعلمهم أنه مشاهد لأعمالهم، مطلع عليها، يعلم خائنة الأعين، وما تخفي الصدور. ولما كان مبدأ ذلك من قبل البصر جعل الأمر بغضه مقدما على حفظ الفرج، فإن الحوادث مبدأها من النظر، كما أن معظم النار مبدأها من مستصغر الشرر. انتهى من الجواب.
ومكالمة الشابة الأجنبية لغير حاجة ممنوع شرعا لما يترتب عليه من الفتنة. قال الخادمي -رحمه الله- في كتابه: بريقة محمودية: التكلم مع الشابة الأجنبية لا يجوز بلا حاجة؛ لأنه مظنة الفتنة. انتهى. فكيف إذا كان الكلام في الغزل والملاطفة؟ فالواجب على زوجك أن يتقي الله، ويبادر بالتوبة النصوح.
وأمّا نصيحتنا لك؛ فهي الصبر عليه، والاجتهاد في استصلاحه، وإعانته على التوبة من هذه المحرمات، فأطلعيه على حكم الشرع، وكلام أهل العلم، وحثيه على مصاحبة الصالحين، وسماع المواعظ النافعة، واحرصي على حسن التبعل والتجمل والتزين له محتسبة أجر ذلك عند الله؛ إعفافا لزوجك، وإعانة له على ترك الحرام، واجتهدي في الدعاء له، فإن الله تعالى قريب مجيب.
والله أعلم.