السؤال
قال زوج لزوجته: "إذا ذهبت للمكان الفلاني دون إذني، تكونين طالقًا"، فلم تذهب، ومرّ وقت، ثم ألقى عليها طلاقًا بالهاتف وهو في بلد آخر، فإذا ذهبت إلى المكان الذي علّق عليه اليمين الأول، فهل تعدّ تكون طلقة ثانية، أم هي بالفعل مطلقة، ولا تقع هذه اليمين المعلقة؟ وهل يجوز لها الذهاب لذلك المكان الآن؟ أفادكم الله.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإذا علّق الزوج طلاق زوجته على شرط؛ ثمّ نجّز طلاقها، ولم يكن طلاقه مكملًا للثلاث؛ فتعليق الطلاق باق حكمه، قال ابن حجر الهيتمي -رحمه الله- في الفتاوى الفقهية الكبرى: أما تخلّل الطلاق الرجعي، والرجعة بين التعليق ووجود الصفة، فلا يمنع عود الحنث فيما ذكر؛ لأن الرجعة ليست نكاحًا مجددًا، ولا تخلل ما يمنع صحة ما ذكر. انتهى.
وقال البهوتي -رحمه الله- في شرح منتهى الإرادات: فإن أراد تعجيل طلاق غير المعلق، وقع، ثم إن وجد المعلق عليه وهي يلحقها طلاقه، وقع أيضًا. انتهى.
وعليه؛ فإذا ذهبت الزوجة في عدة طلاقها بغير إذن زوجها إلى المكان الذي نهاها عن الذهاب إليه، وعلّق الطلاق عليه؛ فإنّها تطلق طلقة أخرى؛ لأنّ جماهير أهل العلم على أنّ المطلقة الرجعية يلحقها الطلاق، وانظري الفتوى: 150375.
وإذا كانت الزوجة في عدة الطلاق الرجعي؛ فهي في حكم الزوجة، والواجب عليها طاعة زوجها، ولا يجوز لها الذهب إلى المكان الذي نهاها عن الذهاب إليه بغير إذنه، قال الكاساني في بدائع الصنائع: وإن كانت الفرقة رجعية، فلا يجوز لها الخروج بغير إذن الزوج؛ لأنها زوجته، وله أن يأذن لها بالخروج. انتهى.
مع التنبيه إلى أنّ بعض أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- يرى أنّ الطلاق المعلّق بقصد التهديد، أو التأكيد، وليس بقصد إيقاع الطلاق؛ لا يقع، ولكن تلزم بالحنث فيه كفارة يمين.
كما أنّ النية معتبرة في يمين الطلاق، فإذا علّق الزوج الطلاق على ذهاب زوجته إلى موضع معين، وقصد زمنًا محددًا؛ فإنّه لا يحنث بذهابها في غير هذا الزمن، وراجعي الفتوى: 163573.
أمّا إذا فعلت الزوجة المعلّق عليه بعد انقضاء عدة طلاقها؛ فلا يقع عليها طلاق آخر بفعلها المعلّق عليه؛ لأنّها صارت بائنة؛ فلا يلحقها طلاق، جاء في الروض المربع بشرح زاد المستنقع: والحنْثُ لا يَحصُلُ بفِعلِ الصِّفةِ حالَ البَيْنُونةِ. انتهى.
والله أعلم.