السؤال
أعمل في إحدى الدول، وتعمل معي نصرانية مطلقة، ولديها ولد سنه 15 سنة، في نفس المكان الذي هو مكان إقامتي، ومكتب عملي.
عرضت عليها الإسلام، والحمد لله قبلت، وذهبت إلى إحدى السيدات المسلمات لتعلمها الإسلام بنفس لغتها السواحلية.
- طلبت منها زواج المسيار على أن تكون معي في يومين أو ثلاثة في الأسبوع، ومع ابنها في باقي الأسبوع.
- قبلت، وتزوجنا فعلا بحضور أفراد من أسرتها النصرانية: فقد حضر أبوها وشاهدان، وهي وأنا؛ لعدم وجود شيخ في هذا الوقت.
- أعطيت أباها مبلغا كمقدم صداق، كما كان متوفرا معي، وباقي المبلغ بعد شهر كما اتفقنا.
- ووعدتها بأن أعطيها مبلغا آخر، عند توفره كمؤخر صداق.
- قمت بتعليمها كيف يتم الزواج الإسلامي على سنة الله ورسوله، بأن طلبت من أبيها، وهو سألها، ثم أجابني بالموافقة أمام الشهود بدون أي أوراق بيننا.
- مع العلم أنها كانت قبل عام شبه متزوجة بدون عقد كأعرافهم في هذا البلد، أن يدفع الرجل مهرا وتكون حلا له حتى يتم إتمام الزواج.
- أخبرتها أن هذا حرام، وتابت وأنابت إلى الله قبل وبعد إسلامها.
- السؤال: هل هذا زواج صحيح من الناحية الشرعية؟ وماذا علي أن أفعل إذا كان هذا الزواج تنقصه بعض الخطوات؟
- مع العلم أني متزوج، ولي أولاد في وطني مصر، فأنا أبلغ من العمر 54 عاما.
أفادكم الله، ونفع بكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرا على حرصك على دخول هذه المرأة في الإسلام، ونهنئها على ما أنعم الله به عليها من تحقق ذلك، ونسأله أن يثبتها عليه حتى الممات.
واعلم أن واقع ما حصل في هذه القضية لم يتضح من خلال ما عرضت في سؤالك، لوجود عدة احتمالات، منها ما يتعلق بإسلام الولي والشهود وعدم إسلامهم، ومنها ما يتعلق بحقيقة علاقة المرأة بذلك الرجل السابق، ولن تكون الفتوى دقيقة إلا بمعرفة ذلك كله، ولذلك نرى أهمية مشافهتك أحد العلماء لتبين له حقيقة الأمر، ويستفصل هو منك فيما يحتاج لاستفصال، ويجعلك على بينة من أمرك.
وإن لم يوجد عالم موثوق في البلد الذي أنت فيه، فيمكنك التواصل المباشر مع العلماء في بلدك الأصلي أو غيره. ووسائل الاتصال متوفرة يتيسر لك من خلالها التواصل معهم.
والذي يمكن أن نفيدك به هو بعض المعلومات العامة، ومنها أن الزواج الصحيح له شروطه التي إذا توفرت فيه كان زواجا صحيحا، ومن أهم هذه الشروط: الولي والشهود، وراجع الفتوى: 7704، ففيها بيان هذه الشروط.
ومنها أنه لا يشترط لصحة الزواج كتابة العقد، فيصح الزواج ولو لم يوثق. والتوثيق أفضل لحفظ الحقوق والحيلولة دون حدوث نزاع. قال ابن جزي المالكي في القوانين الفقهية: (المسألة الخامسة): في كتاب الصداق، وليس شرطا، وإنما يكتب هو وسائر الوثائق توثيقا للحقوق، ورفعا للنزاع. اهـ.
ومنها أن زواج المسيار جائز إذا استوفى شروط صحة الزواج، كما هو مبين في الفتوى: 3329.
هذا وننبه إلى أن على المسلم أن يسأل عما يحتاج معرفة حكمه الشرعي قبل الإقدام على القول أو الفعل.
قال القرطبي في تفسيره: فرض العامي الذي لا يشتغل باستنباط الأحكام من أصولها؛ لعدم أهليته، فيما لا يعلمه من أمر دِينه ويحتاج إليه، أن يقصد أعلم من في زمانه وبلده، فيسأله عن نازلته، فيمتثل فيها فتواه؛ لقوله تعالى: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {النحل:43}.
وعليه الاجتهاد في أعلم أهل وقته بالبحث عنه؛ حتى يقع عليه الاتفاق من الأكثر من الناس. اهـ.
والله أعلم.