السؤال
انتشرت رسالةٌ في شبكات الإعلام الاجتماعي، يقول صاحبها: المعلوم أن الرجل مالك بيته، ولكن الرجل يسكن عند زوجته: لتسكنوا إليها ـ نعم... إنها بيوت زوجاتكم..! ثم يستدل لذلك بآيات منها: لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ ـ وتساءلَ: لماذا نسب الله عز وجل البيت إلى المرأة، رغم أنه ملك للرجل؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا تنافي بين ملك الرجل لبيتٍ، وإضافته للمرأة، فليست كل إضافةٍ تفيد التمليك، فكقوله تعالى: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ{الأحزاب:33} الآية.
وقوله: وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ {الأحزاب:34}.
يقول بكر، بن عبد الله، أبو زيد ـ عليه رحمة الله ـ في كتابه: حراسة الفضيلة: وإنما حصلت هذه الإضافة - والله أعلم - للدلالة على الارتباط الوثيق بين المرأة، والبيت، ومراعاة لاستمرار لزوم النساء للبيوت، فهي إضافة إسكان، ولزوم للمسكن، والتصاق به، لا إضافة تمليك.
وقال ابن عاشور في التحرير والتنوير عند تفسير قول الله تعالى: وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ....{الطلاق:1} وَفِي إِضَافَةِ الْبُيُوتِ إِلَى ضَمِيرِ النِّسَاءِ إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّهُنَّ مُسْتَحِقَّاتٌ الْمَكْثَ فِي الْبُيُوتِ مُدَّةَ الْعِدَّةِ، بِمَنْزِلَةِ مَالِكِ الشَّيْءِ، وَهَذَا مَا يُسَمَّى فِي الْفِقْهِ: مِلْكَ الِانْتِفَاعِ، دُونَ الْعَيْنِ، وَلِأَنَّ بَقَاءَ الْمُطَلَّقَاتِ فِي الْبُيُوتِ اللَّاتِي كُنَّ فِيهَا أَزْوَاجًا، اسْتِصْحَابٌ لِحَالِ الزَّوْجِيَّةِ، إِذِ الزَّوْجَةُ هِيَ الْمُتَصَرِّفَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا، وَلِذَلِكَ يَدْعُوهَا الْعَرَبُ: ربَّةَ الْبَيْتِ ـ وَلِلْمُطَلَّقَةِ حُكْمُ الزَّوْجَةِ، مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ، إِلَّا فِي اسْتِمْتَاعِ الْمُطَلِّقِ، وَهَذَا الْحُكْمُ سَبَبُهُ مُرَكَّبٌ مِنْ قَصْدِ الْمُكَارَمَةِ بَيْنَ الْمُطَلِّقِ، وَالْمُطَلَّقَةِ، وَقَصْدُ الِانْضِبَاطِ فِي عِلَّةِ الِاعْتِدَادِ، تَكْمِيلًا لِتَحَقُقِ لِحَاقِ مَا يَظْهَرُ مِنْ حَمْلٍ بِأَبِيهِ الْمُطَلِّقِ، حَتَّى يَبْرَأَ النَّسَبُ مِنْ كُلِّ شَكٍّ.
وقال الألوسي في روح البيان: وإضافتها - البيوت - إليهن، وهي لأزواجهن، لتأكيد النهي ببيان كمال استحقاقهن للسكنى، كأنها أملاكهن.
والله أعلم.