السؤال
يُنادي بعضُ البائعيْن المُتجوِّلِيْن على البضَاعة، أو المواد الغذائيَّة، بقولهم مثلًا: كرتونة بندورة، أو خيار، أو غيرها بـ (10) دنانير، وصلُّوا عَلَى النَّبِيّ -صلى اللهُ عليه وسلَّم-. هل يجوزُ ذلك؟ وهو أن يُسْأَلَ بالبضَاعةِ عن طريق الدِّيْن، والصَّلاة علَى النَّبِيّ -صلى اللهُ عليه وسلَّم-؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد ذكر بعض الفقهاء كراهة أن يُصلى على النبي -صلى الله عليه وسلم- عند عرض البضاعة، وعند البيع، فينبغي تجنب ذلك.
قال ابن الحاج -رحمه الله- في المدخل: وَلْيَحْذَرْ مِمَّا يَفْعَلُهُ بَعْضُهُمْ، وَهُوَ أَنَّهُمْ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عِنْدَ مَشْيِهِمْ فِي الطَّرِيقِ بِالْمَاءِ لِيَبِيعُوهُ، وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ إذَا أَرَادُوا أَنْ يُفْسَحَ لَهُمْ فِي الطَّرِيقِ يَقُولُونَ: صَلُّوا عَلَى النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَنَحْوَ ذَلِكَ. وَقَدْ قَالَ عُلَمَاؤُنَا رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِمْ: إنَّ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَا تَكُونُ إلَّا عَلَى سَبِيلِ التَّعَبُّدِ وَالتَّقَرُّبِ. وَمِنْ النَّوَادِرِ لِلشَّيْخِ الْإِمَامِ أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي زَيْدٍ -رَحِمَهُ اللهُ- قَالَ سحْنُونَ فِي الرَّجُلِ يَقُولُ عِنْدَ التَّعَجُّبِ مِن الشَّيْءِ: صَلَّى اللهُ عَلَى النَّبِيِّ وَسَلَّمَ: إنَّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلَّا عَلَى سَبِيلِ الِاحْتِسَابِ، وَرَجَاءِ الثَّوَابِ. انتهى.
وقال الملا علي القاري -رحمه الله- في شرح الشفا: كره أصحابنا الحنفية للسوقي أن يصلي عليه -عليه السلام- عند فتح بضاعته، وعرضها على المشتري؛ لأنه يقصد بذلك تحسين بضاعته، وترغيب المشتري في تجارته، لا الاحتساب، وطلب الثواب. وقالوا: ينبغي أن يحمل على الكراهة التحريمية، وإذا قصد المثوبة وغيرها؛ فتكون الكراهة تنزيهية. اهـ.
وقال النفراوي -رحمه الله- في الفواكه الدواني: وتكره -أي الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- عند التعجب، والذبح، والعطاس، وعند البيع، وفي الحمام، وفي الخلاء، وعند الجماع، وكذا كل موضع قذر. اهـ.
والله أعلم.