السؤال
قمت بفعل أندم عليه إلى اليوم، والدي -حفظه الله- تزوج على أمي في السر، وأنا وأمي كنا نشك في الأمر؛ فقمت بالتجسس عليه، وسجلت تقريبا ثلاث محادثات بينه وبين زوجته، وأسمعتها لأمي.
والله، ثم والله، لا أعلم لماذا قمت بذلك؟ وكيف طاوعتني نفسي على أن أعتدي على خصوصيته، وهو لم يقم بأي أمر خاطئ، وحتى إذا فعل فليس من حقي أن أتجسس عليه.
لقد عصيت ربي، وآذيت أبي دون علمه، وزدت حقد أمي عليه.
أنا أحب أبي كثيرا، لكن والله إني نادمة على ما فعلته بسبب غضبي من زواجه على أمي.
كيف يمكن أن أكفر عن ذنبي؟
أبي إلى الآن لا يعرف بالموضوع، وإذا عرف يمكن أن يتبرأ مني.
أعيش في خوف من الله، ومن عقوق الوالدين.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحسنٌ أنك أدركت خطأ ما أقدمت عليه، وندمت عليه، فنسأل الله -تعالى- أن يغفر زلَّتَك، ويغسل حَوْبَتَك، ويرزقك البر بوالدك ورضاه عنك؛ إنه سميع مجيب.
ولا شك في أن التجسس أمر محرم، نهى الله -عز وجل- عنه في كتابه، ونهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم في سنته، قال الله سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ {الحجرات:12}.
وروى البخاري ومسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: لا تحاسدوا ولا تباغضوا، ولا تجسسوا ولا تحسسوا، ولا تناجشوا، وكونوا عباد الله إخوانا.
ويتأكد المنع من التجسس في حق الوالد، فإن وقوع ذلك معه نوع من العقوق، وهو من أكبر الكبائر، كما هو مبين في الفتوى: 78838.
فاجعلي من ذلك الندم توبة، باستيفاء باقي شروطها المبينة في الفتوى: 29785.
ومن تمام هذه التوبة أن تستحلِّي والدك، بأن تطلبي منه مسامحتك، ولكن لما كان الغالب في إخباره بهذا الأمر الذي لم يعلمه مفسدة أعظم غالبا. ذكر بعض أهل العلم أنه يكفي الاستغفار والدعاء له، فأكثري له من ذلك، واحرصي على بره، واجتهدي في أن تصلحي ما بينه وبين أمك، وانظري لمزيد الفائدة، الفتوى: 446344.
وننبه إلى أن التعدد مباح لمن كان قادرا على العدل، والقيام بحق زوجتيه أو زوجاته.
وقد شرع الله -تعالى- التعدد لِحِكَم عظيمة، وقد ذكرنا جملة منها في الفتوى: 1570، والفتوى: 2286.
والله أعلم.