السؤال
أعمل في إحدى المصالح الحكومية. ومن ضمن واجباتي الوظيفية مراجعة واعتماد بعض الأعمال التي يقوم بها الزملاء، حيث يقوم الزملاء باستلام الأوراق من المواطنين، وتجهيزها واستكمال البيانات بها، ثم يقوم الزميل بعد ذلك بإحضار الأوراق لي في الإدارة حتى أقوم بمراجعتها واعتمادها بصورة نهائية، وتسليمها للزميل مرة أخرى.
والسؤال هو: أن أغلب الزملاء يقوم بإحضار بعض الأشياء العينية للمكتب الخاص بنا مثل السكر والشاي، والبسكويت، وبعض الأدوات المكتبية مثل الأقلام والأوراق، حيث نقوم بشرب الشاي معا، ونستخدم الأدوات المكتبية في أعمال المكتب. فهل هذه الأشياء تدخل في باب الرشوة المحرمة، علما بأني:
1- طلبت منهم عدم إحضار أي شيء، لكنهم يرفضون قائلين إن هذه أشياء بسيطة نستهلكها سويا. وإن الأقلام والأوراق تستخدم في أعمال المكتب، وأغلب هذه الأعمال تخصهم.
2- أني لم أطلب أي شيء من أي زميل.
3- أعامل كل الزملاء بالسوية والعدل.
4- أتقن عملي في أسرع وقت، بغض النظر عن أي شيء.
5- الزملاء يشعرونني بالإحراج الشديد عندما أرفض هذه الأشياء، بحجة أننا زملاء وأسرة واحدة.... الخ.
6- نعمل من الساعة 8 صباحا إلى 2 بعد الظهر، والجهة التي نعمل بها لا تعطينا أي أدوات مكتبية لإنجاز الأعمال، رغم أن ذلك من واجباتها فضلا أنها لا تصرف لنا أي وجبات أو مشروبات، ونقوم بشراء كل ذلك على حسابنا الخاص.
7 - أنا من داخلي أتمنى من الزملاء عدم إحضار أي شيء.
الرجاء الإفادة، ولكم جزيل الشكر.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر مما ذكرته من كونكم تشتركون جميعاً في تناول الشاي والبسكويت، وتستعملون جميعاً الأدوات المكتبية، أن ذلك لا يدخل في باب الرشوة، ولا هدايا العمال، خصوصا أنك لم تطلب منهم إحضار هذه الأشياء، ولا اختصصت بشيء منها. ولا سيما إذا كنت تشاركهم في إحضار تلك اللوازم، فيأتي كل منكم بها أو ببعضها أحيانا.
غير أن ثَمَّ احتمال نرى من المستحسن ذكره، وهو: إذا كان هؤلاء الزملاء الذين يحضرون هذه الأشياء التي ذكرت، إنما يحضرونها من أجل أن تغض الطرف عن بعض النواقص اللازمة ونحو ذلك، فحينئذٍ تكون هذه الأشياء داخلة في الرشوة المحرمة.
بوب الإمام البخاري: باب من لم يقبل الهدية لعلة. وقال عمر بن عبد العزيز: كانت الهدية في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم هدية، واليوم رشوة. يعني هدايا العمال.
وقد روى البخاري ومسلم: أن النبي صلى الله عليه وسلم استعمل رجلا من الأزد يقال له: ابن اللتبية على الصدقة، فلما قدم قال: هذا لكم، وهذا أهدي إلي. فقام النبي صلى الله عليه وسلم وتكلم، وكان مما قال: فهلا جلس في بيت أبيه أو بيت أمه، فينظر أيهدى له أم لا؟
قال الحافظ ابن حجر في الفتح: قالَ ابن بَطَّالٍ: دَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ الْهَدِيَّةَ لِلْعَامِلِ تَكُونُ لِشُكْرِ مَعْرُوفِهِ، أَوْ لِلتَّحَبُّبِ إِلَيْهِ، أَوْ لِلطَّمَعِ فِي وَضْعِهِ مِنَ الْحَقِّ. فَأَشَارَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَنَّهُ فِيمَا يُهْدَى لَهُ مِنْ ذَلِكَ كَأَحَدِ الْمُسْلِمِينَ لَا فَضْلَ لَهُ عَلَيْهِمْ فِيهِ، وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاسْتِئْثَارُ بِه. انْتَهَى.
والله أعلم.