السؤال
هل يجوز الكذب للاستعجال. مثل أن أقدم الساعة دقيقتين أو ثلاث، حتى يستعجل أبي، ولا يتأخر عن عمله؟
هل يجوز الكذب للاستعجال. مثل أن أقدم الساعة دقيقتين أو ثلاث، حتى يستعجل أبي، ولا يتأخر عن عمله؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الإخبار عن الزمن على الوجه المذكور يتمثل فيه حقيقة الكذب؛ فتعريفه عند العلماء أنه الإخبار بخلاف الواقع.
والكذب محرم، لا يجوز المصير إليه؛ إلا لمصلحة راجحة تعيَّن الكذب سبيلا لتحقيقها.
فالأصل أنه لا يجوز لك أن تخبر أباك عن الزمن مع فرق دقيقتين أو ثلاث، إلا إذا قصدت المجاز في ذلك، بناء على القاعدة التي ذكرها الفقهاء أن: (ما قارب الشيء، أعطي حكمه).
والإخبار بهذا الوجه مما قد يرد كثيرا، ويحمل عليه العلماء ما يكون من اختلاف الروايات في الكلام عن أمر معين.
ومن ذلك ما جاء في حديث الإفك، وقول عائشة -رضي الله عنها-: فأنزل الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ. العشر الآيات كلها.
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: قلت: آخر العشرة قوله تعالى: والله يعلم وأنتم لا تعلمون. لكن وقع في رواية عطاء الخراساني عن الزهري، فأنزل الله تعالى: إن الذين جاءوا. إلى قوله: أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم. وعدد الآي إلى هذا الموضع ثلاث عشرة آية، فلعل في قولها: العشر الآيات مجازا، بطريق إلغاء الكسر. انتهى.
وراجع الفتوى: 138868.
وهذا كله فيما إذا كان المقصود أن تخبره بالزمن على الوصف الذي ذكرته، وإن كان قصدك أن تقدم الساعة دقيقة أو دقيقتين فليس هذا من الكذب، ولكنه يتضمن مفاسد، ومنها: أن فيه خداعا منك لوالدك، وقد يتضرر بذلك من جهة الحاجة إلى معرفة الزمن على وجه الدقة في عباداته أو معاملاته ونحو ذلك، فالذي نرى أنه لا يجوز لك الإقدام عليه.
وعلى وجه العموم: إذا كان هذا التأخر مما قد يؤثر على أبيك ويضر به، فلعل الأولى أن تبذل له النصح بأدب، وتحثه على المبادرة وعدم التأخر مع الدعاء له بأن ييسر الله له ذلك.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني