السؤال
كنت أعمل في شركة، فقام صاحب العمل بإهانتي، وشتمي، والصراخ عليَّ أمام جميع الموظفين، وقام بتصوير ذلك؛ لإهانتي،. وعلى إثرها تقدمت بشكوى لدى المركز الأمني، وقام بإرسال وجاهة لكبار عائلتي، وقاموا بالاتفاق على إعطائي تعويضًا ماليًّا كبيرا، لإسقاط الشكوى والإصلاح، وتم ذلك برضاه وموافقته، فما حكم التعويض المدفوع؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالضرر الذي يجوز الاعتياض عنه بمال؛ هو الضرر المالي الفعلي، وأما الضرر الأدبي، أو المعنوي -كما هو محل السؤال-؛ فليس محلا للاعتياض عنه بمال عند جماهير أهل العلم، وإنما يعاقب فيه الجاني بما يستحق من عقوبة زاجرة له ولغيره، ويُلزم فيه برد اعتبار المجني عليه، دون تعويض مالي في مقابل ذلك.
جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي المتعلق بشأن الشرط الجزائي: الضرر الذي يجوز التعويض عنه يشمل الضرر المالي الفعلي، وما لحق المضرور من خسارة حقيقية، وما فاته من كسب مؤكد، ولا يشمل الضرر الأدبي، أو المعنوي. اهـ.
وراجعي في ذلك الفتاوى: 35535، 148167، 157445.
ولا يختلف الحكم في ذلك عن حكم أخذ العوض -التعويض- نظير التنازل عن الدعوى، أو الشكوى، حتى ولو كان ذلك سيرفع عن الجاني عقوبة بدنية، أو غرما ماليا، لكون ذلك أيضا ليس محلًّا للعوض المالي.
قال ابن قدامة في الكافي: لو صالح شاهدًا ليترك الشهادة عليه، أو سارقًا، لئلا يرفعه إلى السلطان، فالصلح باطل؛ لأنه لا يحل أخذ العوض عن ترك الشهادة الواجبة، وليس رفعه إلى السلطان حقًّا يجوز الاعتياض عنه. اهـ.
وقال في المغني: لو صالح السارق والزاني والشارب بمال، على أن لا يرفعه إلى السلطان، لم يصح الصلح لذلك، ولم يجز له أخذ العوض، وإن صالحه عن حد القذف، لم يصح الصلح؛ لأنه إن كان لله تعالى، لم يكن له أن يأخذ عوضه، لكونه ليس بحق له، فأشبه حد الزنى والسرقة، وإن كان حقًّا له، لم يجز الاعتياض عنه، لكونه حقًّا ليس بمالي، ولهذا لا يسقط إلى بدل، بخلاف القصاص، ولأنه شرع لتنزيه العرض، فلا يجوز أن يعتاض عن عرضه بمال. اهـ.
والله أعلم.