السؤال
بالنسبة للمواصلات العامة، أو ما يسمى بـ: الفورتات، هل يوجد محذور في هذه المعاملة: فالمركبة -الباص- تستمر في السير إلى مناطق مختلفة، وأي شخص يريد أن يركب فعليه أن يدفع قيمة محددة، ومن ثم يستطيع أن ينزل متى شاء، قصرت المسافة أم بعدت، أي أن الذي يركب، ثم ينزل بعد ربع ساعة مثلًا يدفع نفس القيمة كالذي يركب وينزل بعد ساعة ونصف مثلًا؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن شروط صحة الإجارة: معلومية كل من الأجرة والمنفعة، فلا يكون في أي منهما جهالة تؤدي إلى النزاع، جاء في الموسوعة الفقهية: يشترط في المنفعة لصحة الإجارة: أن تكون معلومة، علمًا ينفي الجهالة المفضية للنزاع، وهذا الشرط يجب تحققه في الأجرة أيضًا؛ لأن الجهالة في كل منهما تفضي إلى النزاع، وهذا موضع اتفاق. اهـ.
ولا إشكال في معلومية الأجرة في الصورة التي ذكرها السائل، وإنما الإشكال في تفاوت المنفعة تفاوتا كبيرا بين الركاب، فقد يقول قائل: إن المنفعة مع هذا التفاوت الكبير في حكم المجهولة! وجواب ذلك أن يقال: من حق المؤجر أن يحدد الأجرة التي يرضى بها، وقد رضي المؤجر هنا بأن تكون أجرة المسافة البعيدة هي نفسها أجرة المسافة القريبة، وتوحيد الأجرة على المسافات المختلفة يغني عن ذكر المسافة التي يعرف بها قدر المنفعة، فمهما كانت المسافة في خط السير المعروف فالأجرة واحدة، فلا داعي لذكر المسافة، وجريان العرف بمثل هذا، وحصول الرضا به من المتعاقدين، يحل محل العقد على المسافات المختلفة طالما كانت الأجرة هي نفسها على أية حال، وهذا شبيه بالعفو عن جهالة المدة، وقدر الماء الذي يستعمل في الحمام.
جاء في حاشية الشلبي على تبيين الحقائق: قوله في المتن: وصح أخذ أجرة الحمام، أي؛ لأن الناس في سائر الأمصار يدفعون أجرة الحمام، وإن كان مقدار ما يستعمل من الماء ليس بمعلوم، ولا مقدار القعود، فدل إجماعهم على جواز ذلك، وإن كان القياس يأباه، لوروده على إتلاف العين مع الجهالة. اهـ.
والله أعلم.