السؤال
أنا تاجر، وعند ارتفاع أسعار السلع أصبح هناك تجار يغشون التجارة، ويبيعون بأسعار رخيصة، فأصبح جميع العملاء يذهبون إليهم، وحركة البيع معي أصبحت قليلة، فهل يجوز أن أفعل مثلهم، مع العلم أنني أقول للمشتري إن البضاعة ليست طبيعية بنسبة: 100 %، وأقول له الحقيقة، وفي نيتي مع تحسن الظروف الاقتصادية أنني سوف أوقف هذا فورا مع العملاء، مع العلم أنني لا أملك وظيفة أخرى، ولا مصدر دخل آخر، ومتزوج، وأعيل..؟ وهل هذا يندرج تحت آية: فمن اضطر...... فلا إثم عليه..؟
وشكرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز الغش في البضاعة أصلا، وإذا حصل غش فيجب بيانه للمشتري، ولا تكفي العبارات الموهمة، ولا الكلام المُدلس الذي لا يفي بالغرض، بل يلزم بيان مقدار الغش، فإذا قمت بذك، وتبين للمشتري حقيقة الأمر، فلا حرج عليك في البيع، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في مجموع الفتاوى: قَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ نَهَى أَنْ يُشَابَ اللَّبَنُ بِالْمَاءِ لِلْبَيْعِ ـ بِخِلَافِ الشُّرْبِ، فَإِذَا خُلِطَ اللَّبَنُ بِالْمَاءِ لِلشُّرْبِ جَازَ، وَأَمَّا لِلْبَيْعِ فَلَا، وَلَوْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ مَخْلُوطٌ بِالْمَاءِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَعْلَمُ مِقْدَارَ الْخَلْطِ فَيَبْقَى الْبَيْعُ مَجْهُولًا وَهُوَ غَرَرٌ، وَهَكَذَا كُلَّمَا كَانَ مِنْ الْمَغْشُوشِ الَّذِي لَا يُعْلَمُ قَدْرُ غِشِّهِ، فَإِنَّهُ يُنْهَى عَنْ بَيْعِهِ، وَعَنْ عَمَلِهِ لِمَنْ يَبِيعُهُ، وَكَذَلِكَ خَلْطُ الْمُشَاقِّ بِالصُّوفِ الْأَبْيَضِ، وَكُلُّ مَا كَانَ مِنْ الْغِشِّ فِي الْمَطَاعِمِ، وَالْمَلَابِسِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، إذَا لَمْ يُعْلَمْ مِقْدَارُ الْغِشِّ، فَإِنَّهُ يُنْهَى عَنْ ذَلِكَ. اهـ.
وأما تبريرك للغش بمسألة الضرورة: فلا وجه للضرورة فيما ذكرت، وإنما هو من تزيين الشيطان لهذا العمل القبيح، فحد الضرورة المبيحة لتناول الحرام هي وصول المكلف إلى حد إذا لم يتناول الحرام هلك، أو قارب، أو وصوله إلى درجة من المشقة لا تحتمل إلا بضرر كبير، ولا تندفع إلا بتناول الحرام، فاتق الله، ودع عنك الغش، وكن صادقا في بيعك، فإن البركة في الصدق، والأمانة.
والله أعلم.