السؤال
أبي كان شخصا مؤذيا، من الطفولة يضربنا، ويهيننا، ويجعلنا نعمل، وعند وفاة أمي أصبح يتحرش بي جسديا، وبعد زواجي قاطعته فترة، ولكن بعد ذلك أدخلته بيتي، وقلت: لله، وخلفت بنتا، ونسيت ما فعل، وسامحته، وفي يوم كان يبيت عندي، رأيته يصورني في بعض أجزاء جسمي، وأخبرت أخي، وأخبرته بمعرفتي، وأني لا أرغب بمحادثته؛ خوفا منه -أيضا- على ابنتي، وخوفا من قطع صلة الرحم. حاولت التواصل معه في رسالة، ولكن كان يمنعني، وعند محادثته في الهاتف، وجدته لا يعترف حتى بفعله، ويتبجح كثيرا، ولازال حتى الآن لا يوجد في قلبه ذرة ندم هو، وأخي، ويريدان أن يتحدث إلى ابنتي غصبا عني. هل يوجد صلة رحم لأب مثل ذلك علي، وعلى ابنتي؟ هل يجب أن تصل جدها، وأنا، وأبوها لا نريد؛ خوفا منه عليها من فعله، ومن لسانه، فهو شخص مؤذ، وسليط اللسان؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فعلى فرض أنّ أباك على هذه الحال التي ذكرت؛ فعليك أن تحتاطي في التعامل معه، بحيث تحافظي على نفسك، وعلى ابنتك؛ لكن لا يسقط حقّه عليك؛ فحقّ الوالد على ولده عظيم، وقد أمر الله الولد بمصاحبة والديه بالمعروف، وإن كنا مشركين، ويأمرانه بالشرك، قال -تعالى-: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان: 15}.
وعقد البخاري في كتابه الأدب المفرد بابًا أسماه: باب بر والديه، وإن ظلما. وأورد تحته أثرًا عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: ما من مسلم له والدان مسلمان، يُصبح إليهما محتسبًا، إلا فتح له الله بابين ـ يعني: من الجنة ـ وإن كان واحدًا، فواحد، وإن أغضب أحدهما، لم يرضَ الله عنه، حتى يرضى عنه، قيل: وإن ظلماه؟ قال: وإن ظلماه. انتهى.
فالواجب عليك برّ أبيك، وصلته، ولا تجوز لك مقاطعته، أو منعه من مكالمة ابنتك، أو رؤيتها؛ إلا بالقدر الذي تحصل به المحافظة على نفسك، وابنتك. وراجعي الفتوى: 204496
والله أعلم.