السؤال
أنا بنت عمري 21 سنة، أحببت شابا عمره 24 سنة، في البداية كنت أطلب منه المساعدة في شيء ما، يخص الجامعة والدراسة؛ لأنه مسؤول عن هذا الأمر، وبعد فترة قال لي: إني مثل أخته؛ لأنه لا يريد أن يربط بنتا بجانبه، وهو في بداية طريقه.
وهو ملتزم، وقام بنصيحتي، وبالفعل حياتي تغيرت بسببه للأفضل، ولكن تغير حاله، وأنا أشك أنه قال لي هذا الكلام حتى لا يتعلق بي، أو ليعف نفسه، وبالرغم من أنه قال لي إنه يوجد بنات كثيرات يحاولن التواصل معه، لكنه يرفض.
وبعد نقاشات قال لي: إنه لو أحب، أو تعلق بواحدة، فإن تعلقه وحبه يكونان شديدين، فهذا ما أتوقع أنه السبب في قوله لي إني مثل أخته.
ما حكم أني أحبه، وأدعو الله أن يكون نصيبا لي، وهو شاب على دين وخلق، وهو لا يدري أنني أدعو الله بذلك؟
وما حكم أني أحبه، وهو يقول لي إني مثل أخته؛ لعدم الفتنة بيننا، ولأنه لم يكوِّن نفسه، وأنه له أهداف أخرى في حياته؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فاعلمي أولا أنه لا يجوز التواصل بين المرأة والرجل الأجنبي، أو المحادثة بينهما إلا لحاجة، وبقدر هذه الحاجة مع الالتزام بالضوابط الشرعية، واجتناب كل ما يدعو للفتنة، وقد شدد العلماء في هذا الجانب، ونقلنا أقوالهم في ذلك في الفتوى: 21582.
وقوله: إنه يراك مثل أخته، ليس مبررا للاستمرار في التواصل بينكما، بل يجب الوقوف عند الحدود الشرعية، فالشيطان للإنسان بالمرصاد، يستدرجه إلى المنكر والفاحشة استدراجا، ولذلك حذر القرآن من كيده، كما في قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ {النور: 21}.
وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: كُتب على ابن آدم نصيبه من الزنا، مدرك ذلك لا محالة، فالعينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطا، والقلب يهوى ويتمنى، ويصدق ذلك الفرج ويكذبه. متفق عليه.
وفي هذا الحديث ما يكفي للزجر عن الاحتكاك بالنساء، ومخالطتهن.
أما الدعاء بالزواج منه؛ فلا مانع منه، وقد حث الشرع المتحابين على الزواج، كما في الحديث الذي رواه ابن ماجه عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: لم ير للمتحابين مثل النكاح.
والأولى عدم التعيين؛ لأن المرء لا يعلم ما فيه الخير له كما قال تعالى: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {البقرة: 216}
وأما حبكِ له؛ فالأصل أنه لا مؤاخذة على المسلم فيما لا اختيار له فيه، ومن ذلك الأمور القلبية، فقد قال الله -عز وجل-: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {الأحزاب: 5}.
فلا تأثمين بذلك إلا إذا كان لك كسب فيه بسبب التساهل في التعامل مع هذا الشاب، فيقع الإثم بسبب التساهل، أو ترتب على هذا الحب ما لا يرضي الله.
وراجعي للمزيد الفتويين التاليتين: 4220، 33115.
والله أعلم.