الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

دفع مبلغ مقابل العمل من المنزل

السؤال

أنا موظفة في الحكومة، ولدينا "خط سير وهمي"، حيث ندفع 30 جنيهًا ونبقى في المنزل؛ وذلك بعلم مدير المديرية نفسه، فما حكم ذلك؟
أنا أعمل بنسبة 65%، أي: أنني أذهب للعمل لمدة ثلاثة أيام؛ لتجنب أخذ خط السير هذا، وهذا يتناسب مع ظروف بيتي، ولكنهم الآن بدؤوا بالتضييق عليّ للحضور؛ بحجة أنه لا يوجد موظفون في العمل، فهم في "خط سير بالبيت".
أرهقني ذلك جسديًّا ونفسيًّا، ومن شدة الضغط عليّ فكرت أن آخذ "خط سير"، وأخرج باقي أجر اليوم للفقراء، لكنني في نفس الوقت أحتاج إلى المرتب، ولا أستطيع تحمّل العمل الإضافي في ظلّ ضغط العمل، خاصة أنني أعتني بزوجي وأربعة من الأبناء، بالإضافة إلى والديّ المسنّين في الثمانينات، واللذين يعانيان من أمراض.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا نستطيع الجزم بحكمٍ في خصوص حال السائلة، ولكن نقول على وجه العموم:

أولًا: إنْ عمِل الموظف من بيته بإذن جهة عمله، مع القيام بمهام وظيفته ؛ لا حرج عليه فيه، وإلا وجب عليه الالتزام بعقد العمل، والوفاء بشروطه؛ لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ {المائدة:1}، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: المسلمون على شروطهم. رواه البخاري تعليقًا، وأبو داود، والترمذي، وقال: حسن صحيح. وصححه الألباني.

ثانيًا: لا يجوز للمسؤول عن العمل أخذ رشوة للسماح للموظفين بالعمل من المنزل، ولا يجوز للموظف دفعها، إلا في حال الاضطرار للعمل من المنزل، أو كان ذلك من حقّه، ولا يستطيع الحصول عليه إلا بدفع رشوة. وانظري الفتويين: 18038، 56367.

ثالثًا: إن كان خط السير الوهمي يعني أن الموظف لا يعمل شيئًا أصلًا، وإنما يدفع رشوة للمسؤول ليتغيّب عن العمل؛ فهذا منكر لا يجوز، والراتب الذي يؤخذ حينئذ من أكل المال العام بالباطل، وانظري الفتويين: 14984، 117429.

رابعًا: المال الحرام لا يجوز أكله إلا للمضطرّ؛ لقول الله تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ [الأنعام: 119]، وقال سبحانه: فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [البقرة: 173].

وحال الضرورة هي ما يغلب على الظن وقوع المرء بسببها في الهلكة، أو أن تلحقه بسببها مشقة لا تحتمل، أو لا يتمكّن المرء معها من تحقيق الحد الأدنى من حياة الفقراء، وانظري الفتوى: 47389.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني