الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت الأفلام مباحة المحتوى، فلا حرج في ترويجها، والمال المكتسب من ذلك مباح.
وأمّا إن كان محتوى الأفلام مؤسسا على المحرمات -كالمشاهد الجنسية الخليعة، ومناظر النساء العاريات، أو الدعوة للكفر والفجور، أو غير ذلك من المنكرات، فلا يجوز العمل في ترويجها؛ لأنه معاونة على الإثم، وقد قال تعالى: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة: 2}.
وفي صحيح مسلم عن جابر -رضي الله عنه- قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا، وموكله، وكاتبه، وشاهديه، وقال: هم سواء.
وفي شرح النووي: فيه تحريم الإعانة على الباطل. اهـ.
قال ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى: إذا أعان الرجل على معصية الله، كان آثمًا؛ لأنه أعان على الإثم والعدوان. اهـ.
والمال المكتسب من الترويج للأفلام المحرّمة؛ خبيث محرّم، جاء في الحديث: إن الله إذا حرّم شيئًا؛ حرّم ثمنه. أخرجه أحمد، وصححه ابن حبان.
وجاء في كتاب الفنون لابن عقيل: لا شك أن من مذهب أحمد تحريم عوض كل محرّم ... واستدل في تحريم عوض الحرام بقول النبي صلى الله عليه وسلم: لعن الله اليهود، حرمت عليهم الشحوم، فباعوها، وأكلوا أثمانها، إن الله إذا حرّم شيئًا حرّم ثمنه. اهـ.
ومساعدة الفقراء لا تسوّغ العمل في ترويج الأفلام المحرّمة شرعًا.
والصدقة بالمال الحرام لا يؤجر صاحبها أجر المتصدّق، فهو لا يملكها أصلًا، ففي الصحيحين عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من تصدّق بعدل تمرة من كسب طيب، ولا يقبل الله إلا الطيب...
وفي صحيح ابن حبان عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: من جمع مالًا حرامًا فتصدّق به، لم يكن له فيه أجر، وَكَانَ إِصْرُهُ عَلَيْهِ. وصححه الحاكم.
عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يكسب عبد مالًا من حرام، فينفق منه، فيبارك له فيه، ولا يتصدّق به، فيقبل منه، ولا يترك خلف ظهره، إلا كان زاده إلى النار، إن الله -عزَّ وجلَّ- لا يمحو السيئ بالسيئ، ولكن يمحو السيئ بالحسن، إن الخبيث لا يمحو الخبيث.
والمسلم لن يجد فَقْد شيء تركه ابتغاء وجه الله، فما تركه لله، فسيخلف الله عليه خيرًا منه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنك لن تدع شيئًا اتقاء الله، إلا أعطاك الله خيرًا منه. أخرجه الإمام أحمد في المسند، وقال ابن مفلح في الآداب الشرعية: إسناده جيد.
قال ابن القيم في زاد المعاد: ومن ظن بالله أنه إذا ترك لأجله شيئًا لم يعوضه خيرًا منه، أو من فعل لأجله شيئًا لم يعطه أفضل منه؛ فقد ظنّ به ظنّ السوء. اهـ.
والله أعلم.