السؤال
أعمل في مكتبة قرطاسية، واشترى صديقي بعض الأغراض بالدَّين، ومرّت الأيام، وعندما طالبته بسداد المال، قال: إنه قد سدّدني، وأنا متأكّد أنه لم يعطني شيئًا، أو ربما أعطاها للأشخاص العاملين معي، فهل يجب عليَّ دفع الدَّين عنه لصاحب المكتبة؛ لأنني أنا من بعته بالدَّين؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعامل، أو الوكيل في البيع، لا يجوز له أن يبيع بالدَّين، إلا بإذن موكّله، وإلا ضمن الثمن، جاء في المدونة: قال مالك: إذا باع العامل بالدَّين من غير أن يأمره ربُّ المال بذلك؛ فهو ضامن. اهـ.
وقال ابن حمدان في الرعاية الصغرى: ولا يصحّ بيع وكيلٍ مطلقٍ بعرضٍ، ولا نَساءٍ. اهـ.
وقال الحجاوي في زاد المستقنع: من وكّل في بيع، أو شراء ... لا يبيع بعرض، ولا نَساء. اهـ.
قال ابن قاسم في حاشية الروض المربع: ولا نساء، أي: بثمن مؤجل. اهـ.
ثم إن المشتري إن أقرَّ بالشراء، وبالأجل في دفع الثمن، وادّعى بعد ذلك أنه دفعه، وأنكر ذلك البائع؛ فالقول قول البائع مع يمينه، والبينة على المشتري؛ لأنه هو المدّعي لدفع الثمن، قال السرخسي في المبسوط: لو سمّى ثمنًا، وقال: لم أقبضه، وقال المشتري: قد أقبضه؛ فالقول قول البائع مع يمينه، والبينة على المشتري؛ لأن الثمن دَين لازم للبائع في ذمّة المشتري، فإذا ادّعى بقاءه، كان عليه إثباته بالبينة، فإن لم يجدها؛ فالقول قول البائع مع يمينه؛ لإنكاره، فإن إقراره بالبيع لا يتضمّن الإقرار بقبض الثمن. اهـ.
وعلى ذلك؛ فإن صديق السائل (المشتري) عليه إقامة البينة على دفع الثمن، فإن أقامها، وإلا لزمه دفعه.
فإن لم يدفعه، وكان صاحب المكتبة قد أذن للسائل في البيع بالأجل؛ فلا ضمان على السائل، إلا إن فرّط أو تعدّى؛ لأنه يده يد أمانة.
وإن لم يكن قد أذن له في البيع بالأجل؛ فهو ضامن للثمن على أية حال، ثم يعود هو على صديقه به.
والله أعلم.