الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

النفقة على الابن المجاهر بالزنى وزيارته والأكل من طعامه

السؤال

هل تجب النفقة على الابن الزاني، المجاهر بالزنى، أو مساعدته إذا احتاج؟ وما حكم زيارتي له في بيته والأكل من طعامه؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالزنا، ذنب عظيم، وكبيرة من كبائر الذنوب، جاءت فيه كثير من نصوص الوعيد الشديد، وبيان عقوبته في الدنيا والآخرة، وسبق بيان بعضها في الفتوى: 26237.

وإذا انضم إلى ذلك المجاهرة به، كان الإثم أعظم؛ لأن المجاهرة بالمعصية، معصية أخرى، روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كل أمتي معافاة، إلا المجاهرين، وإن من الإجهار أن يعمل العبد بالليل عملًا، ثم يصبح قد ستره ربه، فيقول: يا فلان: قد عملت البارحة كذا، وكذا، وقد بات يستره ربه، فيبيت يستره ربه، ويصبح يكشف ستر الله عنه.

نقل الحافظ ابن حجر في فتح الباري عن ابن بطال أنه قال: في الجهر بالمعصية استخفاف بحق الله، ورسوله، وبصالحي المؤمنين، وفيه ضرب من العناد لهم، وفي الستر بها السلامة من الاستخفاف؛ لأن المعاصي تذل أهلها، ومن إقامة الحدّ عليه إن كان فيه حدّ، ومن التعزير إن لم يوجب حدًا، وإذا تمحض حق الله، فهو أكرم الأكرمين، ورحمته سبقت غضبه، فلذلك إذا ستره في الدنيا، لم يفضحه في الآخرة، والذي يجاهر، يفوته جميع ذلك. انتهى.

والواجب، نصح هذا الابن، وتذكيره بالله، وتخويفه من أليم عقابه، وينبغي أن يُسَلط عليه من يُرْجَى أن يقبل قوله، وكذا الدعاء له بالهداية.

ولا حرج في زيارته في بيته، والأكل من طعامه، وخاصة إن رُجِي أن يكون لذلك تأثير عليه، وتأليف قلبه ليقبل النصح، كما لا حرج في هجرانه، وعدم زيارته، ما دام مصرًّا على ارتكاب الكبائر، إن كان في هجره مصلحة، فإن خشي أن يزيده عنادًا، فالأفضل عدم هجره، وراجع الفتوى: 134761.

والنفقة على الابن البالغ قد اختلف الفقهاء في حكمها، والجمهور على عدم الوجوب، خلافًا للحنابلة، كما بينّاه في الفتوى: 66857.

وعلى كلٍّ؛ يجوز إعطاؤه من المال، سواء كان نفقة، أم مجرد مساعدة، إن لم يعلم أنه أخذها ليستعين بها على الحرام، وانظر الفتوى: 178495.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني