السؤال
في الحديث: "وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يُكتب عند الله كذّابًا." هل ينطبق هذا الحكم على المرأة أيضًا؟ وهل يُكتب عند الله أن من تكثر الكذب "كاذبة"؟
في الحديث: "وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يُكتب عند الله كذّابًا." هل ينطبق هذا الحكم على المرأة أيضًا؟ وهل يُكتب عند الله أن من تكثر الكذب "كاذبة"؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الكذب من الخصال المذمومة شرعاً، بل هو من كبائر الذنوب، وكثرة الكذب تؤدي إلى أن يُكتب الشخص عند الله كذاباً، ولا فرق بين الرجل والمرأة في ذلك، بل هما سواء، فالخطاب وإن كان بلفظ الرجل، إلا أنه يشمل المرأة من حيث المعنى، إذ الأصل التسوية بينها وبين الرجل في التكاليف الشرعية؛ إلا فيما خصه الدليل، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إنما النساء شقائق الرجال. رواه أبو داود، والترمذي، وابن ماجه، وأحمد، وحسنه الألباني.
قال الخطابي في (معالم السنن): أي نظائرهم، وأمثالهم في الخلق، والطباع فكأنهنّ شققن من الرجال. وفيه من الفقه إثبات القياس، وإلحاق حكم النظير بالنظير، وأن الخطاب إذا ورد بلفظ الذكور، كان خطابًا للنساء، إلا مواضع الخصوص التي قامت أدلة التخصيص فيها. انتهى.
والحاصل؛ أن الجنسين مستويان في التكاليف والمثوبة والعقوبة شرعًا، يدل على ذلك نصوص القرآن والسنة، ومنها قوله تعالى: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً {النحل: 97}، وقوله تعالى: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا {المائدة: 38}، وقوله تعالى: الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ {النور: 2}.
وأمّا ما ورد في بعض النصوص بلفظ يخص الذكور، إفرادًا أو جمعًا، ومنه هذا الحديث المذكور في السؤال، أو حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله، وفيه: ورجلان تحابا في الله .. ورجل ذكر الله خاليًا. وكذا حديث: وإن الرجل ليتكلم بالكلمة.. فتخصيص اللفظ بالرجل فيها وما شابهها من النصوص، لا مفهوم له، وإلا فالمرأة داخلة فيه، مشمولة به، كسائر نصوص القرآن والسنة التي راعت التغليب في الخطاب -والتغليب أسلوب من أساليب الخطاب العربي- وليس فيه نقص لمن لم يذكر باسمه. كما يقولون مثلاً: العمرين لأبي بكر وعمر، والحسنين للحسن والحسين والقمرين للشمس والقمر.
وعليه؛ فإذا أكثرت المرأة من الكذب، كُتِبَتْ عند الله كذَّابة، كالرجل تمامًا لا فرق بينهما في ذلك. وللمزيد راجعي الفتوى: 351862.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني