الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم إصلاح الدراجة وأخذ الأجرة عليها دون إذن الموكل

السؤال

ترك لي أحد أقاربي دراجة نارية لإصلاحها قبل أن يُسافر، وترك لي مالًا لشراء قطع الغيار إن احتجتُ إلى ذلك. وعادةً عندما أُصلح له واحدة من دراجاته النارية، يُعطيني مقابلًا.
في المرة الأخيرة، أخذتُ دراجته النارية إلى ميكانيكي لإصلاح بعض العيوب هناك، ثم أتممتُ إصلاح بقية العيوب بنفسي. وبعدما اكتمل ذلك، اتّصلتُ بقريبي، صاحب الدراجة، لأُعلمه بأن عملية الصيانة قد تمّت. وكان يظنّ أن الدراجة أصلحها الميكانيكي الذي أخذتها إليه فقط، فقال لي: "ادفع الأتعاب من المال الذي تركته عندك"، ولم يقل لي: "خُذ المال مقابل أتعابك".
بعد ذلك، أرسلتُ له رسالة صوتية واضحة المعنى، وطلبتُ منه مبلغًا مقابل جهدي، لكنه فتح الرسالة ولم يردّ. فقلتُ: لعله غير راغب في دفع أتعابي.
لكني أخذتُ من المال الذي تركه لديّ ما يعادل أتعابي؛ لأن العمل الذي قمتُ به ليس باليسير. فما الحكم في هذه الحالة؟
بارك الله فيكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالسائل وكيل عن قريبه في إصلاح الدراجة، والوكيل لا يصح أن يعامل نفسه بيعًا أو شراءً أو إجارة، إلا بإذن موكله، على الراجح من أقوال أهل العلم، وراجع في ذلك الفتاوى: 105751، 477649، 478432.

وعلى ذلك؛ فلا يصح أن يستأجر السائل نفسه لإصلاح بعض عيوب الدراجة إلا بإذن موكله. وبالتالي لا يستحق المال الذي أخذه لنفسه إلا إذا أذن فيه موكله (قريبه).

ومجرد إرسال الرسالة المذكورة في السؤال، على افتراض سماع الموكل لها، ليست إلا إيجابًا يفتقر إلى قبول الطرف الآخر من العقد وهو الموكل. فإذا لم يقبل، فإن شرط صحة العقد -وهو الرضا- لم يحصل، وقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ [النساء: 29]. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما البيع عن تراض. رواه ابن ماجه، وصححه البوصيري، وحسنه ابن كثير.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني