السؤال
كيف نجمع بين قوله تعالى :( وماكان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون ) وبين الحديث : أنهلك وفينا الصالحون؟ فقال عليه الصلاة والسلام " نعم ، إذا كثر الخبث" علما أن الصالحين إذا روا منكرًا لايسكتون عنه وجزيتم عنا وعن المسلمين خيرا
كيف نجمع بين قوله تعالى :( وماكان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون ) وبين الحديث : أنهلك وفينا الصالحون؟ فقال عليه الصلاة والسلام " نعم ، إذا كثر الخبث" علما أن الصالحين إذا روا منكرًا لايسكتون عنه وجزيتم عنا وعن المسلمين خيرا
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الآية الكريمة تدل على أن الله جل وعلا لا يهلك أهل القرى بظلم وهو الشرك والكفر وحده، حتى ينضم إليه إفساد وتضيع للحقوق ولذلك قال تعالى: ( وأهلها مصلحون ) أي فيما بينهم من تعاطي الحقوق والنهي عن الفساد، كما أهلك قوم شعيب ببخس المكيال والميزان وقوم لوط باللواط، ودل هذا مع الحديث المتفق عليه الذي ذكره السائل حين قالت له زينب بنت جحش: أنهلك وفينا الصالحون؟ قال:" نعم إذا كثر الخبث"
دل ذلك على أن كثرة الخبث واستفحال الفساد يكون بتخلف صفة الإصلاح التي هي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن الصلاح في النفس وحده دون ممارسة الإصلاح على الوجه السابق، لا يمنع انتشار الخبث الذي يكون سبباً للهلاك والعذاب.
وفي سنن أبي داود والترمذي من حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال: بعد أن حمد الله وأثنى عليه: "يا أيها الناس إنكم تقرؤون هذه الآية وتضعونها على غير موضعها (عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم) قال : وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:" إن الناس إذا رأو الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك الله أن يعمهم بعقاب". وإن أمة أهلها مصلحون آمرون بالمعروف ناهون عن المنكر قائمون بحقوق العباد أمة لا يكثر فيها الخبث الذي يستلزم الإهلاك في الدنيا.
وبهذا يظهر لك جلياً أنه لا تعارض بين الآية وما في معناها والحديث ودلالته. وأن الإصلاح المتعدي هو صمام الأمان والمنجي من عقوبات الدنيا. أما الصلاح وحده، فيهلك أهله، ويبعثون على نياتهم أي أنهم ينجون بصلاحهم في الآخرة لا في الدنيا.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني