الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ثمرة الإعراض عن الله مرة

السؤال

لقد تعرضت في حياتي لعدة فتن لم أقدر على تجاوزها نظرا لصعوبتها وقساوتها ومحدودية إمكانياتي فالحرمان المادي والمعنوي ولدا في نفسي الإحباط والعجز فأصبحت أرى الأشياء متساوية لا أجد الرغبة في اي شيء حتى في الصلاة إذ منعني هذا اليأس من الدخول إلى الإسلام إذ لا أقدر تطبيق اي شيء دون رغبة وحب فكيف امتلكهما رغم أنني التجات إلى الدعاء لكن الفتن (الحرمان) كان اقوى . ارجوكم المسألة ليست سهلة فأحب أن أكون مسلما وألغي الدخول بالترهيب فرغم خوفي من الله لن أقدر دخول الإسلام إلا حبا ورغبة فهذه طريقتي في الحياة فكيف من العجز والإحباط أولد رغبة تدخلني الإسلام ما دام أسلوب الترهيب لم ينفع وقد حاول البعض استعماله معي لأني كما قلت :أحب فأطبق ولا أقدر على غير ذلك فساعدوني كي اقترب من لذة الإسلام وجزاكم الله الخير وأرجو ان تثقوا بانها حالة نفسية اود الخروج منها بمساعدتكم وبإذن الله سبحانه

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن الدنيا دار بلاء، وهي سجن المؤمن، وقد ابتلي الصالحون وعلى رأسهم سيد ولد آدم نبينا عليه الصلاة والسلام، وإن ما ابتليت به من الحرمان والتضييق لا يقارن بما ابتلي به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد كان يمضي عليه الشهر والشهران ولم يوقد في بيته نار لإنضاج الطعام، فكان قوته التمر والماء فقط، ومات صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند يهودي، ثم هو مع ذلك كان راضيا من ربه حامدا له على نعمه الجزيلة.

وكذلك صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا شديدي الفقر، وأكلوا من الجوع ورق الشجر حتى تقرحت أشداقهم، ولما مات مصعب بن عمير لم يجدوا ما يكفنوه به إلا بردة، لو غطوا بها رأسه بدت قدماه، ولو غطوا قدميه بدت رأسه!!

وهكذا أئمة الدين ممن جاء بعدهم، كالإمام أحمد والإمام النووي وغيرهما كانوا فقراء، لكنهم مع فقرهم لم ينسوا الله ولم يحجدوا نعمه، فإن كان منعهم نعمة المال فقد أعطاهم نعمة العقل، بينما أصيب غيرهم بالجنون، وأعطاهم نعمة البصر، بينما أصيب غيرهم بالعمى، ويتحركون بسهولة ويقومون بجميع شؤونهم، بينما أقعد غيرهم الشلل، وتأمل الفتوى رقم: 51946.

ثم إنهم كانوا يعلمون أن الدنيا ليست نهاية المطاف، وأن الآخرة خير وأبقى، وأن ما عند الله خير للأبرار، وأن غمسة واحدة يغمسها العبد الصالح في الجنة تنسيه كل شقاء مر به في هذه الدنيا، قال صلى الله عليه وسلم: يؤتى بأشد الناس بؤسا في الدنيا من أهل الجنة فيصبغ صبغة في الجنة فيقال له: يا ابن آدم هل رأيت بؤسا قط؟ هل مر بك شدة قط؟ فيقول: لا والله يا رب، ما مر بي بؤس قط ولا رأيت شدة قط. رواه مسلم. فتب إلى الله واصبر على قضائه وقدره وارض عنه، واعلم أن ما أنت فيه من الهموم والبلاء إنما هو ثمرة الإعراض عن الله. قال تعالى: وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى {طه: 124}.

فتلفظ بالشهادتين وأد ما افترضه الله عليك وأعظمه الصلاة، وانته عما حرم الله عليك من قبل أن يفجأك الموت، وعندئذ لا ينفع الندم.

وانظر عقوبة تارك الصلاة الدنيوية والأخروية في الفتوى رقم: 6061.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني