السؤال
فيمن نزلت هذه الآية: (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا)؟
فيمن نزلت هذه الآية: (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا)؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعـد:
فقد ذكر ابن كثير في التفسير سبب نزول هذه الآية، فذكر نزولها في أنس بن النضر، وطلحة بن عبيد الله -رضي الله عنهما-، وذكر في ذلك حديث البخاري: عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: نرى هذه الآية نزلت في أنس بن النضر -رضي الله عنه-: مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ {الأحزاب: 23}، ثم قال ابن كثير -رحمه الله-: انفرد به البخاري من هذا الوجه، ولكن له شواهد من طرق أخر. قال الإمام أحمد: حدثنا هاشم بن القاسم، حدثنا سليمان بن المغيرة، عن ثابت، قال: قال أنس: عمي أنس بن النضر -رضي الله عنه- سميت به، لم يشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر، فشق عليه، وقال: أول مشهد شهده رسول الله صلى الله عليه وسلم غيبت عنه، لئن أراني الله تعالى مشهدًا فيما بعد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليرين الله عز وجل ما أصنع. قال: فهاب أن يقول غيرها، فشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد، فاستقبل سعد بن معاذ -رضي الله عنه-، فقال له أنس -رضي الله عنه-: يا أبا عمرو، أين واهًا لريح الجنة? إني أجده دون أحد، قال: فقاتلهم حتى قتل -رضي الله عنه-، قال: فوجد في جسده بضعًا وثمانين بين ضربة، وطعنة، ورمية، فقالت أخته -عمتي الربيع ابنة النضر-: فما عرفت أخي إلا ببنانه، قال: فنزلت هذه الآية: (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا)، قال: فكانوا يرون أنها نزلت فيه، وفي أصحابه -رضي الله عنهم-. رواه مسلم، والترمذي، والنسائي من حديث سليمان بن المغيرة به، ورواه النسائي أيضًا، وابن جرير من حديث حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس -رضي الله عنه- به نحوه.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أحمد بن الفضل العسقلاني، حدثنا سليمان بن أيوب بن عيسى بن موسى بن طلحة بن عبيد الله، حدثني أبي، عن جدي، عن موسى بن طلحة، عن أبيه طلحة -رضي الله عنه- قال: لما أن رجع رسول الله صلى الله عليه من أحد، صعد المنبر، فحمد الله تعالى، وأثنى عليه، وعزى المسلمين بما أصابهم، وأخبرهم بما لهم فيه من الأجر والذخر، ثم قرأ هذه الآية: مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ... الآية كلها، فقام إليه رجل من المسلمين، فقال: يا رسول الله، من هؤلاء؟ فأقبلت وعليّ ثوبان أخضران حضرميان: فقال: أيها السائل، هذا منهم. وكذا رواه ابن جرير من حديث سليمان بن أيوب الطلحي به.
وأخرجه الترمذي في التفسير، والمناقب أيضًا، وابن جرير من حديث يونس بن بكير، عن طلحة بن يحيى، عن موسى وعيسى ابني طلحة، عن أبيهما -رضي الله عنه به-، وقال: حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث يونس، وقال أيضًا: حدثنا أحمد بن عصام الأنصاري، حدثنا أبو عامر -يعني العقدي-، حدثني إسحاق -يعني ابن طلحة بن عبيد الله-، عن موسى بن طلحة، قال: دخلت على معاوية -رضي الله عنه-، فلما خرجت دعاني، فقال: ألا أضع عندك -يا ابن أخي- حديثًا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: طلحة ممن قضى نحبه.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني