السؤال
يقول الله تعالى: (لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا} طبيعة البشر أنهم يخافون ومن شدة الخوف يهربون، لكن في القرآن هربوا ثم خافوا، أرجو توضيح الأمر، (قَالُواْ وَأَقْبَلُواْ عَلَيْهِم مَّاذَا تَفْقِدُونَ) طبيعتنا أننا نقبل على الناس ثم نتكلم معهم، لكن في القرآن تقدم القول على الاقبال، فكيف تفسرون هذا؟ بارك الله فيكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقوله تعالى: لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا {الكهف}، (الواو) لا تفيد الترتيب الزمني بين الأشياء ولكنها تفيد مطلق الجمع بخلاف (الفاء) التي تفيد الترتيب مع التعقيب و(ثم) التي تفيد الترتيب مع التراخي، قال في العناية: والواو لمطلق الجمع بإجماع أهل اللغة.
قال في كشف الأسرار شرح أصول البزدوي: قال الإمام عبد القاهر: معنى الواو الجمع بين الشيئين في الحكم لا في الوقت ولا ترتيب فيه لأنها في الاسمين المختلفين بإزاء التثنية في المتفقين فإذا قلت جاءني زيد وعمرو لم يجب أن يكون المبدوء به في اللفظ سابقاً بل كل منهما بمنزلة صاحبه في جواز تقديمه... ولو استعمل الفاء مكانه لبطل المراد... وإذا كان المراد الجمع وجب الثبات على الواو دون الفاء لأن الواو تدل على الجمع والفاء تدل أن الثاني بعد الأول. انتهى.
أما قوله تعالى: قَالُواْ وَأَقْبَلُواْ عَلَيْهِم مَّاذَا تَفْقِدُونَ {يوسف:71}، أي قالوا حال كونهم مقبلين نتيجة انزعاجهم، قال في روح المعاني: والجملة في موضع الحال من ضمير قالوا جيء بها للدلالة على انزعاجهم مما سمعوه لمباينته لحالهم أي قالوا مقبلين عليهم ماذا تفقدون. انتهى.
والله أعلم.