السؤال
إخوتي في الله، هل يوجد حديث شريف يقول بأنه سيأتي زمان لن يستعمل الناس فيه الجمال للتنقل، وأن الله سيرسل على العصاة مرضا جنسيا لا علاج له، وأن معدنا ثمينا يخرج من أرض الشام يأتيه أشرار الخلق، ومدى صحة هذه الأحاديث؟ جمعنا الله وإياكم في دار البقاء.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنا لا نعلم حديثاً يفيد أنه سيأتي على الناس زمان لا يستعملون فيه الجمال للتنقل ولكن الله تعالى امتن على خلقه بنعمة المراكب الحيوانية فقال: وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ* وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ* وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُواْ بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأَنفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ* وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً {النحل:5-6-7-8}، ثم ذكر ما يفيد خلقه لما لم يعلموه من المراكب ووسائل النقل، فقال: وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ {النحل:8}.
وهذا شامل للسيارات والطائرات وغيرها مما ظهر من المراكب مؤخراً، ولكنه لا يفيد أنهم لن يستعملوا الإبل وقد ثبت بالتجربة أن بعض المناطق الجبلية يصل الناس إليها بالإبل والخيل ولا يستطيعون الوصول لها بالسيارات.
قال ابن عاشور في التحرير والتنوير: فالذي يظهر لي أن هذه الآية من معجزات القرآن الغيبية العلمية، وأنها إيماء إلى أن الله سيلهم البشر اختراع مراكب هي أجدى عليهم من الخيل والبغال والحمير، وتلك العجلات التي يركبها الواحد ويحركها برجليه وتسمى بسكلات، وأرتال السكك الحديدية، والسيارات المسيرة بمصفى النفط وتسمى أطوموبيل، ثم الطائرات التي تسير بالنفط المصفى في الهواء، فكل هذه مخلوقات نشأت في عصور متتابعة لم يكن يعلمها من كانوا قبل عصر وجود كل منها.اهـ
وأما المرض الذي يسلطه الله على أهل الفواحش فإنه يدل عليه ما في الحديث: لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا. رواه ابن ماجه والحاكم، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي والألباني.
وأما المعدن الذي يظهر بالشام ويأتيه شرار الناس فإنا لا نعلم حديثاً صريحاً في شأنه إلا أنه قد وردت أحاديث عن ظهور جبل من ذهب في نهر الفرات يقتتل عليه الناس، ومن المعلوم أن الفرات نهر يمر بالشام والعراق، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تقوم الساعة حتى يحسر الفرات عن جبل من ذهب، يقتتل الناس عليه، فيقتل من كل مائة تسعة وتسعون، ويقول كل رجل منهم: لعلي أكون أنا الذي أنجو.
وفي رواية له أيضاً عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: لا يزال الناس مختلفة أعناقهم في طلب الدنيا، ثم قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يوشك الفرات أن يحسر عن جبل من ذهب فإذا سمع به الناس ساروا إليه، فيقول من عنده: لئن تركنا الناس يأخذون منه ليذهبن به كله، قال: فيقتتلون عليه فيقتل من كل مائة تسعة وتسعون.
وروى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يوشك الفرات أن يحسر عن جبل من ذهب فمن حضره فلا يأخذ منه شيئاً.
والله أعلم.