السؤال
لي أب عديم المسؤولية وكان يملك المال الوفير ولكن تجارته خسرت الآن، ومازال يعيش بالأحلام ويتصرف بطريقة غيرمعقولة ويقول لا أستطيع أن أعيش من دون الملايين وأصرف بالآلاف وياليت علينا بل على الناس لكي لا يظنوا أنه لا يملك المال كالسابق ونحن نشعر بأن المال لا بركة فيه والدليل أصبح يبيع ما تبقى من بيوت ليصرف ويتباهى ونحن الضحية، ولكن أمي ذكرت لي حكاية من قبل عن أبي وهي أنه في بداية عمل أبي كان متفقا مع الكفيل على أنه يعطيه الشيكات مقابل أن يأخذ أبي البضاعة من التاجر كبداية لعمل وأخبره أنه سوف يعطيه نصف الأرباح سنويا، ولكن رغم ذلك كله لم يعمل الكفيل أي شيء ولا يتحمل الخسارة أيضا من هذه البضاعة، ولكنه بعد أن كبرت تجارة أبي وأصبح يملك المال قال لأمي أنه سوف يعطي فقط 1000 أو 2000 درهم كل سنة رغم أن الربح يكون أكثر من ذلك، ولكن أبي كان يخشى أن يطمع الكفيل بالمؤسسة ويطرد أبي لأنه لا توجد حقوق تحفظ لأبي حقه، ولكنه قال إذا بقيت معاملته جيدة للنهاية ولا أدري أية نهاية سيعطيه الأرباح وحقه كاملا، ولكن منذ سنوات حدثت مشاكل بينهما وأدت لخسارة أبي وتركه للدولة ولم يعطه ما وعده هل هذا حرام ويحاسب عليه وأن ما يحدث لنا بسبب هذا المال وأن أمي تتحمل هذا الذنب لصمتها على ذلك أم أنها غير مسؤولة عن تصرفاته، وأنه هو المسؤول عن العائلة والصرف عليها وهو يتحمل الذنب فقط أرجو الإجابة فورا فالأمر طارىء؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن في السؤال إجمالا لا يمكن معه أن نجيب عليه جواباً وافياً، وعلى كل فإنه لا تخلو هذه المعاملة فيما يظهر من احتمالين:
الاحتمال الأول: أنهما اتفقا على أن يضارب (يستثمر) والدك بمال كفيله، مقابل نصف الأرباح، وأن لا يتحمل الخسارة وعلى هذا الاحتمال فالمضاربة فاسدة وهذه الصورة وحقيقتها قرض بفائدة وعليه فليس للكفيل إلا رأس ماله مع الأرباح ولوالدك أجرة مثله أي نظيره، وراجعي الفتوى رقم: 53270.
الاحتمال الثاني: أن لا يكون في حقيقة الأمر مضاربة وإنما كفالة فيشترط الكفيل على والدك نصف الأرباح مقابل كفالته وتكون تلك الشيكات التي أصدرها الكفيل كضمان لعمل والدك في السوق، وفي هذه الحالة لا يستحق الضمين شيئاً لأن أخذ المال على الضمان غير جائز، وراجعي الفتوى رقم: 54292
هذا وليعلم أن المرء يأثم إثماً عظيماً بتبذيره لأمواله وإضاعة أهله في نفقتهم الواجبة عليه، وفي الحديث: كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت. رواه أحمد.
وأما بشأن أمك وهل هي آثمة بسكوتها على امتناع والدك عن دفع حق الكفيل، فنعم إن كانت المسألة مضاربة أو شراكة كما تقدم ذلك وعلمت بأن لكفيله حقاً إذ أن الواجب على من رأى منكراً أن يغيره حسب استطاعته، لحديث: من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان. رواه البخاري.
والله أعلم.