السؤال
أنا طبيب أعيش في ألمانيا سبق لي الزواج من ألمانية مسلمة إلا أنه لم يستمر فقررت الزواج من عربية مسلمة وقد تم عقد قران دون دخول وكنت قد آثرت أن أرتبط بصاحبة دين وقد تم كل شيء حسب التقاليد والعرف (من مشاركة الأهل... إلخ) وبعدما رجعت إلى ألمانيا تفاجأت بأن الوالد انقلب تماما وصرح عن عدم موافقته لأنها غير جميلة ولأنني أستحق أكثر من هذا وبعد أن وضحت له وجهة نظري بأني راض ولا أسعى إلا لزوجة تحفظني قال إذاً أنا لن أحضر حفلة الزفاف وأنا غير موافق ولم يعد يرضى أن يكلمني على الهاتف ولقد كانت خطيبتي تزور الأهل من أجل صلة الرحم علماً بأن أبي لم يزرهم قط بعد عقد القران وعندما اقترب موعد الزفاف بدأت الأمور بالتصاعد وأنا الآن أمام خيارين: الأول أن أتمم الموضوع رغم معارضة والدي التامة، والثاني أن أطلق الفتاة لأرضي والدي، أنا لا أريد أن أعصي والدي ولكن ما الذنب الذي اقترفته الفتاة لكي تجازى بالطلاق؟ ولو أننا ما زلنا في فترة الخطوبة لألغيت الموضوع فوراً ولكن الآن سوف تكون الفتاة من وجهة نظر المجتمع مطلقة فما هو رأي الدين في هذا الموضوع؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فجزاك الله خيراً على برك بأبيك واحترامك لمشاعره وتثبتك من حكم الشرع فيما تقدم عليه.
وأما ما ذكرته من معارضة والدك لزواجك بذات الدين رغبة بك عنها لكونها غير ذات جمال، فلتذكره بحديث المصطفى صلى الله عليه وسلم لمن أراد الزواج في قوله: فاظفر بذات الدين تربت يداك. متفق عليه.
ولتخبره أنه إن كان يريد سعادتك، فإنما هي في زواجك بذات الدين والعفاف والحياء، فالجمال نسبي وهو زائل، والباقي إنما هو الخلق والدين والمعاملة الحسنة لك ولأبنائك، وشتان بين خضراء الدمن(المرأة الحسناء في منبت السوء) وبين ذات الدين والخلق.
فإن رضي بذلك واطمأنت إليه نفسه فنعما هي، وإن أصر على الطلاق فلا تجب عليك طاعته في ذلك: إنما الطاعة في المعروف. متفق عليه.
وليس أمره بتطليق الزوجة لغير سبب من المعروف، كما بينا في الفتوى رقم: 1549، والفتوى رقم: 53979.
ولكن تجب صحبته بالمعروف وطاعته في غير معصية، وأن تقول له قولاً كريماً كما أمرك بذلك ربك في قوله: وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء: 23-24}.
فتلاطفه وتباسطه وذكره بقول الله عز وجل: فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا {النساء: 19}.
وقوله: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {البقرة: 216}.
نسأله سبحانه أن يهدينا لما يجب يرضى ويوفقنا للبر بوالدينا حتى يلقوه وهم راضون إنه سميع مجيب.
والله أعلم.