السؤال
أسرة توفي الأب وكان له زوجة وأربع بنات وولد وكانت إحدى بناته لم تبلغ السن التي تعتبر قبلها قاصرة , فوزعت التركة وأخذت الأم نصيب البنت الصغيرة وأودعت بقية الأموال في البنوك وكانت هي التي تديرها, وكانت تعطي من عائدهم للفتى 400 جنيه ولكل فتاة 100 جنيه شهريا, وبعد أن بلغت الفتاة الصغيرة أعطتها أمها أصول أموالها بنفس المبلغ المستحق حين الوفاة ولم تضف إليه أية أرباح من عمله طوال عشرين عاما كما أنها لم تراع التضخم في الجنيه المصري أي أنها لم تعطها نفس القيمة التي كانت تستحق لها منذ عشرين عاما كذلك , والآن الأم قد كونت من أموال أبنائها ثروة كبيرة وظهرت للأب ديون كانت مستحقة منذ زمن وهدد الدائنون البنات بالحجز على أموالهم بالبنوك وممتلكاتهم " الابن أضاع ثروة أبيه وهو الآن لا يعمل ويأخذ من أمه 400 جنيه شهريا " ورفضت الأم سداد الديون وقالت إنها لن تدفعها حتى وإن حجز على بناتها, ولكن الأم قد وكلت إحدى بناتها لتسحب من حسابها لأنها امرأة عجوز لا تقوى على الذهاب للبنوك والعودة , فهل يجوز لتك البنت أن تستخدم هذا التوكيل لتأخذ هي وأخواتها من أموالهم التي استولت عليها أمهم أم أن ذلك يعد خيانة للأمانة ؟ كما هل هذه الفتاة شريكة فى الإثم لأمها لأنها لم تعدل في توزيع الميراث بشرع الله لأن هذه الفتاة تساعد أمها في جلب الأموال لها وهذه الأموال لا تحل للأم ؟!وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كانت البنوك التي أودعت فيها الأم المال بنوكا ربوية فإن ما زاد على رأس المال في فترة إيداعها لا يحل لأصحاب رأس المال الانتفاع به وأحرى الأم. وعليهم أن يأخذوا مازاد على رأس المال ويصرفوه على الفقراء والمساكين وفي مصالح المسلمين العامة ولا يحق لهم الانتفاع به في خاصة أنفسهم وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 13329، وأما إن كانت البنوك لا تتعامل بالربا فإن الأرباح حلال وتابعة لرأس المال ويملكها أصحابه. ولا يحل لهذه الأم أن تمنعهم منها أو تستأثر بها دونهم. ولهذا فإنه يجوز لهذه البنت أن تأخذ حقها وحق أخواتها من مال أمها بدون إذنها على الراجح من أقوال أهل العلم ـ وليس ذلك من الخيانة وإنما هو من باب نصرة أمها لإنقاذها من الحرام وحقوق الآخرين، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: انصر أخاك ظالما أو مظلوما... قالوا يا رسول الله كيف ننصره ظالما؟ قال: تحجزه أو تمنعه عن الظلم. رواه البخاري. وهذه هي مسألة الظفر بالحق التي تكلم عليها أهل العلم، ولتفاصيل أقوالهم فيها وأدلتهم عليها نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 28871. مع العلم أن الورثة جميعا لا يستحقون شيئا من مال مورثهم إلا بعد قضاء ديونه ولو أتى الدين على جميع ماله ثم وصاياه من ثلث ما بقي بعد الدين. ولهذا فإن على ورثة هذا الرجل أن يقضوا عنه ديونه من ما ترك فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه. رواه الترمذي وغيره، فأول ما يجب فعله في المال بعد تجهيز الميت منه هو قضاء ديونه الثابتة عليه.
والله أعلم.