السؤال
هل العمل في شركة لخدمات الموبايل في قسم بيع اللهو من صور ورنات وتسالي ونكت حرام، وهل المال الذي يجنى من هذه الشركة حرام علماً أن الشركة تمتلك مشاريع أخرى وأقساما أخرى كما أن هذه الصور يتخللها بعض الشعارات الإسلامية والنغمات الإسلامية ولا تحتوي على صور فاضحة للنساء ولكن معظم الصور عبارة عن لغو ولهو، إن المنصب الذي أشغله هو مدير تقني للموقع فأنا مسؤول عن إصلاح الأعطال والتأكد من عمل هذا الموقع وهذه الخدمات بالشكل الصحيح علماً أني لست المسؤول عن المحتوى، أظن أن قليلا من علمائنا قادرون على الفتوى بمثل هذه الأمور الحديثة فأتمنى الاهتمام وإعطاء الرأي بعيدا قدر الإمكان عن الورع لأنه لم يعد هناك مساحة للتحرك بسبب كثرة الحرام في هذا الزمان فرب ورع قاد إلى الهلاك وخصوصاً في مجال الكمبيوتر فالعمل بالنسبة للكمبيوتر إما في شركات لا تحترم حرمة حقوق النسخ أو في مواقع على الإنترنيت تعرض ما لا يرضي الله، الرجاء الإسعاف بالسرعة الممكنة ولكم من الله الأجر.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كانت هذه الرنات غير موسيقية فلا بأس بها، ولا حرج في بيعها، وإذا كانت رنات موسيقية فلا تجوز ولا يجوز العمل في بيعها، لما في ذلك من المعاونة على الحرام، وقد قال الله تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة: 2},.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 49361، 54316، 53872، 32003.
وأما الصور، فإذا كانت صوراً لغير ذوات الأرواح فلا بأس بها ويجوز بيعها، وأما إذا كانت لذوات أرواح ففيها تفصيل: فإن كانت فوتغرافية فقد اختلف فيها أهل العلم المعاصرون والمفتى به عندنا هو الجواز، وهذا من حيث الأصل، لكن إذا كانت صورا تظهر العورات، فإنها لا تجوز كما هو مبين في الفتوى رقم: 31574، والفتوى رقم: 50140.
وإذا كانت هذه الصور رسومات باليد، فلا تجوز وبالتالي لا يجوز العمل في بيعها، وراجع الفتوى رقم: 14116.
وأما النكات، فإذا كانت منضبطة بالضوابط المذكورة في الفتوى رقم: 57851، وخلت من الفواحش والمنكرات، فهي جائزة، وإلا فهي محرمة، وعلى كل حال، فإن بيعها لا يجوز، قال صاحب حاشية الجمل من الشافعية: كمن يكتسب باللهو المباح، فللوالي تعزير الآخذ والدافع، ومن ذلك ما جرت به العادة في عصرنا من اتخاذ من يذكر حكايات مضحكة وأكثرها أكاذيب، فيعزر فاعل ذلك الفعل، ولا يستحق ما يأخذه عليه، ويجب رده إلى دافعه وإن وقعت صورة الاستئجار لأن الاستئجار على ذلك الوجه فاسد.
وإذا عرفت هذا، فإذا كان من يعمل في هذا القسم يقتصر على بيع ما هو مباح ويترك ما هو حرام، فلا بأس بعمله، وإن كان الأولى له تركه، وأما إذا كان لا يستطيع الاقتصار على ما هو مباح دون ما هو حرام، فلا يجوز له العمل في هذا القسم ويتعين عليه تركه إلا إذا كان مضطرا بحيث إذا تركه لم يجد ما يأكل أو ما يشرب أو ما يسكن ونحو ذلك من الضروريات له ولمن يعول، فإذا كان مضطرا على هذا النحو جاز له العمل حتى يجد عملاً آخر، علما بأن الضرورة تقدر بقدرها، فلا يجوز الانتفاع من أجرة هذا العمل إلا بمقدار ما تندفع به الضرورة فقط، وما بقي فإنه يصرف في مصالح المسلمين كإعانة الفقراء والمساكين وبناء المستشفيات ونحو ذلك والأصل في ذلك قوله تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ {الأنعام: 119}.
وما ذكرت من عملك في هذا الموقع وإصلاح ما فيه من أعطال والتأكد من تأدية الخدمات المذكورة من الرنات والصور والنكات بالشكل الصحيح، فإنه يعرف حكمه مما تقدم، وهو أنه إذا كانت الرنات والصور والنكات محرمة أو كانت هذه النكات تباع بالمال، فلا يجوز العمل في هذا الموقع، إلا لضرورة، لما في ذلك من المعاونة على الحرام، ولا يؤثر في هذا أن هناك أشياء أخرى مباحة يقدمها هذا الموقع، لأنه إذا اجتمع في الشيء حاظر ومبيح قدم الحاظر، قال الزركشي في المنثور في القواعد: إذا اجتمع الحلال والحرام أو المبيح والمحرم غلب جانب الحرام.
واعلم أن الورع إذا كان منضبطاً بضوابط الشرع، فإنه يقود إلى رضا الله والجنة لا إلى الهلاك. وراجع الفتوى رقم: 47304.
والله أعلم.