السؤال
جاء في الصحيح قول أسماء: تزوجني الزبير وماله شيء غير فرسه فكنت أسوسه وأعلفه وأدق لناضحه النوى وأستسقي وأعجن وكنت أنقل النوى من أرض الزبير التي أقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم على رأسي وهي على ثلثي فرسخ فجئت يوماً والنوى على رأسي فلقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه نفر فدعاني فقال : (أخ. أخ ، ليحملني خلفه فاستحييت وذكرت الزبير وغيرته قالت: فمضى. فلما أتيت أخبرت الزبير فقال: والله لحملك النوى كان أشد علي من ركوبك معه! قالت: حتى أرسل إلي أبو بكر بعد بخادم فكفتني سياسة الفرس فكأنما أعتقتني) رواه البخاري
يا شيخنا الفاضل -حفظك الله- لقد أشكل علي هذا الحديث كثيراً حيث إن الرسول صلى الله عليه وسلم طلب من أسماء الركوب خلفه على دابته وهي ليست محرماً له وإنما هي أخت زوجته.
إنني أخشى أن يستدل بهذا الحديث أصحاب المآرب الخبيثة من دعاة خروج المرأة حتى يقولوا أنه لا بأس بخروج المرأة مع السائق الأجنبي!
أفتونا مأجورين جزاكم الله خيراً.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فهذا الحديث صحيح لا مراء فيه، ولكن قول أسماء فيه: ليحملني خلفه ظن منها، قال ابن حجر في فتح الباري: كأنها فهمت ذلك من قرينة الحال، وإلا فيحتمل أن يكون صلى الله عليه وسلم أراد أن يركبها وما معها ويركب هو شيئاً آخر غير ذلك، وقولها: فاستحييت أن أسير مع الرجال، هذا بناء على ما فهمته من الارتداف وإلا فعلى الاحتمال الأخير ما تتعين المرافقة.
وقد استدل بعض أهل العلم به على جواز ارتداف المرأة خلف الرجل في مواكب الرجال كما ذكر ابن حجر عن المهلب.
ولا يمكن الاستدلال بتلك القصة على جواز خروج المرأة مع السائق وحدهما، وليس المانع من ذلك هو مجرد الركوب وإنما الخلوة المحرمة شرعاً على اعتبار ذلك خلوة، فقد قال صلى الله عليه وسلم: ما خلا رجل بامرأة إلا وكان الشيطان ثالثهما. رواه الترمذي وأحمد.
وقال: لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم. متفق عليه.
فعند من يرى أن خروج المرأة مع السائق في السيارة وحدهما خلوة منع ذلك، ومن لم يره خلوة أباحه، والأقرب الأول كما بينا في الفتوى رقم: 1079.
والله أعلم.