السؤال
تزوجت بقريب لي من الأهل بعد تبادل المودة بيننا واجهنا بعض المعوقات قبل الزواج من والدي لكنه وافق أخيرا, كان زوجي شابا بعيدا عن الدين تماما قبل الزواج ويمارس العادات الشبابية المتهورة لكنه التزم بعد الزواج ولكن ليس تماما, فقد عدنا للوطن للاستقرار فعاد إلى رفقاء السوء الذين ما تركوا لي فيه منفذا فعاد بكل أسف لشراب المنكر معهم حاولت معه كثيرا كثيرا و يقول لي أنه سيقلع حينما يحين الآوان وحين يتوب عليه الله , فماذا أفعل معه ؟ لي منه ابنتان(4سنين+4 شهور) أخشى أن تكبر البنتان و هو مايزال على حاله , فإنى كنت أتمنى أن يكون بيتي بيت ذكر لله دائما , فأنا أحب المحاضرات الدينية وأقوم بفروضي على قدر استطاعتي وأحب ديني كثيرا . أدرك أن بداخله بذرة الخير فهو عطوف وحنون على بناته و يذرف الدمع عند مرض إحدى بناته , لكني ما وجدت مدخلا لتلك البذرة ! أشهد الله أني حاولت جاهدة معه باللين تارة والكلمة الطيبة تارة والصبر على سلوكه محافظة على بيتي , لكني مؤخرا ضقت ذرعا بالوضع !! فأنا أخشى أن يجلب علينا سلوكه هذا غضب المولى علينا !!! و هو ما لا طاقة لنا به, فهل ضيق الرزق الذى نمر به من جراء عادته تلك؟؟؟؟فهل شقائى هذا سببه عدم رضا والدى بالزواج فى البداية وموافقته عن كره و ضغط ؟ هل لي أن أمتنع عن معاشرتة الزوجية تأديبا له -( خصوصا في حاله إتيانه لي وهو مخمور فأنا لا أطيقه فى تلك الحالة) هل سيكون علي إثم إن رفضته ؟ هل أظل معه بالمنزل وأحاول حتى يتوب وإن طالت أم أترك البيت ؟ مع علمي التام أنه ذو نفس عزيزة وكبرياء شديد فلن يحاول أن يعيدني للبيت إن تركته , أو يحاول أن يترجى ويعتذر فهذا طبعه . أم أطلب الطلاق ؟ مع أنني مازلت متعلقة به وأخاف على ضياع بناتى من فراق أبيهم وأثر الطلاق عليهم فى التربية ؟ . أفيدونى فالوقت يمر والبنات يكبرن ولا أدري ما هو الحل وأخشى ما أخشاه أن يظل هذا الحال إلى ما لا نهاية , فكل المشاكل التى زادت مؤخرا بيننا تبدأ بسبب الخمر ,أرجوكم أفتونى , فأنا أصبحت لا حول لي و لا قوة , والأرق رفيقى و الألم يعتصرنى كلما رأيته فى تلك الحالة . أخاف غضب الله علي وعدم قبوله لعملي البسيط في طاعته وأخاف على البنات أن يعين أفعال أبيهم و يتعودن عليها ؟
و جزاكم الله خيرا
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله تعالى أن يفرج عن الأخت همها ويجعل لها منه فرجا ومخرجا ، وقبل الإجابة على أسئلتها ، نوجه هذه الكلمات للزوج باحثين بها عن البذرة الطيبة التي بداخله فنقول : أيها الأخ الحبيب : اترك الخمر .. وتب إلى الله من هذا المسكر ، اترك أصدقاء السوء أصدقاء الكأس ، فإنهم بئس الجليس وبئس الصديق ، إنهم من قال الله فيهم وفي صداقتهم : الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ {الزخرف: 67} وقال تعالى : وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا {الفرقان: 27 ــ 29}
أخي الحبيب: هل تقوى على عذاب الله في نار جهنم ؟ إن الخمر من كبائر الذنوب ، إن الخمر أم الخبائث ، متى ستتوب ؟ ولماذا التسويف في التوبة ؟ هل تضمن أن تعيش إلى الغد ؟ هل أخذت عهداً من ملك الموت أن لا يأخذك إلا بعد أن تتوب ؟ بادر أخي الحبيب إلى التوبة ما دام في العمر فسحة ، وما دام باب التوبة مفتوحا ، فإنه سيغلق إذا نزل بك الموت. قال تعالى : وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآَنَ {النساء: 18}
أخي الحبيب: إن حياة الطاعة حياة طيبة ، فيها راحة وأنس وطمأنينة ، جربها وستعرف الفرق بينها وبين حياة المعصية ، قال سبحانه : مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً {النحل: 97}
أخي الحبيب : إن سبب ضيق الرزق ، وضيق القلب ، وحياة الضنك التي تعيشها سببها المعصية، قال تعالى : وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى {طه: 124}
أخي : اسمع نصح الناصحين الذين يريدون لك الخير والسعادة ، ومنهم زوجتك الصالحة الناصحة ، ودع عنك رفقاء السوء ، وعد لأسرتك ، وزوجتك وبناتك .
أما الأخت الفاضلة فنقول لها : إن مخالفة والدك في هذا الأمر معصية عليك التوبة منها ، وعليك أن تعلمي أن ما حدث قدر لا مفر لك منه ، ما أصابك لم يكن ليخطئك ، فارضي بقدره سبحانه ولا تقولي: لو ، بل قولي: قدر الله وما شاء فعل .
وبشأن سؤالك هل ضيق الرزق سببه ما عليه زوجك من المعصية ؟ نقول: إن من شؤم المعصية الحرمان من الرزق وقد أشرنا إلى ذلك في الكلام السابق، وسبق لنا فتوى بهذا الخصوص برقم : 41620 ، وأما هل يجوز لك الامتناع عن معاشرة زوجك في الفراش تأديباً له على معصيته؟ فلا يجوز لك ذلك ، بل عليك القيام بواجبك نحوه ، وإجابته إلى الفراش ، إلا في حال حصول الضرر عليك بمعاشرته في حال سكره ، فلا حرج عليك من الامتناع عنه, وسبق بيانه في الفتوى رقم : 46042.
وأما بشأن سؤالك هل لك طلب الطلاق؟ وهل من الأفضل الصبر عليه والبقاء معه ؟ نقول: أما من حيث الجواز ، فيجوز لك طلب الطلاق إذا كان الحال على ما وصفت ، لكن لا ننصحك بذلك إلا بعد استنفاد كل الوسائل .
ونوصيك بتقوى الله سبحانه وتعالى ، فإنه من يتق الله يجعل له مخرجاً ، وننصحك بالصبر واحتساب الأجر ، واللجوء إلى الله الذي يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء بالدعاء أن يصلح حال زوجك ، ويكشف عنك السوء ، واعملي ما تستطيعين من أسباب هدايته من نصح ، وإهداء شريط ، وكتيب ، وفتوى كهذه إلى غير ذلك ، واحذري كل الحذر من أن يؤثر على بناتك أو عليك أنت ما دمت في عصمته . وفقك الله لما يحبه ويرضاه .
والله أعلم .