السؤال
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله و صحبه و من والاه، أما بعد...لقد وجدت الحديث في سنن أحمد و البيهقي و الدارقطني...ولا أعلم درجة صحته...ولكنه حديث مشهور...انتشر على ألسنة الناس...فعن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مروا أبنائكم بالصلاة لسبع سنين، و اضربوهم عليها لعشر سنين، و فرقوا بينهم في المضاجع، و إذا أنكح أحدكم عبده أو أجيره فلا ينظرن إلى شيء من عورته، فإنما أسفل من سرته إلى ركبتيه من عورته .).
وإن كنت أعلم علم يقين أن هذا الحديث مشهور على ألسنة الناس، ولكن المعنى الذي يفهمونه منه غريب جدا في نظري... فالناس تفهم لسبع و لعشر، أي أنهم يبدؤون في تعليم أولادهم الصلاة من سبع عشرة و يبدؤون بالضرب عليها من عشر إلى ما فوق ذلك...واسمحوا لي...فهذا فهم غريب جدا في نظري...فأولا: لا أعلم مصدره، ثانيا: يعارضه عدة أوجه... أذكرها ولكن ارجو من القائمين على هذا المنتدى أن يوصلوا ما قلته للمشايخ، و أرجو أن أجد ردا يثلج صدري...
الوجه الأول: المخالفة لظاهر المعنى و الاستخدام اللغوي:فالحديث بهذا الفهم لم يحدد نهاية لوقت الضرب، وهل يضرب الوالد ولده للأبد على تركه للصلاة؟حرف اللام عادة يستخدم لتحديد المنتهى لا البداية...
الوجه الثاني: فعل الصحابةفكم سمعنا أن صغار الصحابة يصلون النوافل الطويلة وهم دون هذه الأعمار...
الوجه الثالث: موافقة العلم لما تعرضه لام المنتهى فالسنوات السبع الأول هي السنوات القيمية، التي يتعلم فيها الأطفال القيم، والصلاة قيمة... ثم السنين التي تليها هي السنين التطبيقية...
الحقيقة أنا في حيرة من أمري في هذا الحديث منذ زمن، فالحديث مشهور و معناه الغريب "في ظني" أيضا مشهور... فهل هناك شيء لا أفهمه؟
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فللحديث روايات كثيرة وبعضها يفسر بعضا منها قول النبي صلى الله عليه وسلم: مروا أبناءكم بالصلاة وهم أبناء سبع واضربوهم عليها وهم أبناء عشر وفرقوا بينهم في المضاجع. رواه أحمد وأبو داود، وفي رواية له: مروا الصبي بالصلاة إذا بلغ سبع سنين وإذا بلغ عشر سنين فاضربوه عليها. وهذه تبين رواية اللام لسبع ولعشر فاللام في تلك الرواية بمعنى عند كما بينا في الفتوى رقم: 18075 ، فعلى ولي الصبي أن يأمره بالصلاة إذا بلغ سبع سنين ويؤدب على تركها إن بلغ عشر سنين، قال العيني في عمدة القارئ: يؤمر الصبي ابن سبع سنين بالصلاة تخلقا وتأدبا يعني أنها غير واجبة عليه لا يأثم بتركها لقوله صلى الله عليه وسلم: رفع القلم عن ثلاثة، عن المجنون المغلوب على عقله حتى يبرأ، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، كما في المسند وغيره عن عمر وعلي رضي الله عنهما. وانظر الفتوى رقم: 4479 ، ولكنه يثاب إن فعلها ويثاب وليه إن أمره كما قال النبي صلى الله عليه وسلم للمرأة التي سألته عن صبي فقالت: ألهذا حج ؟ قال نعم ولك أجر . رواه مسلم، ولهذا كان السلف رضوان عليهم من الصحابة والتابعين يأمرون أبناءهم بالصلاة امتثالا للحديث ورغبة في الأجر وغرسا للخير في نفوس الأولاد ليتمكن منهم فيشبوا عليه وكذلك الصيام وغيره من أمور الخير، وكلها نوافل في حقهم لأنه لا يجب عليهم منها شيء قبل البلوغ، وفي رواية عند الحنابلة أن الصبي المميز تجب عليه الصلاة، قال المرداوي في الإنصاف وهو حنبلي: فالمذهب أن الصلاة وغيرها من العبادات البدنية لا تجب عليه إلا أن يبلغ، وعليه جماهير الأصحاب، وعنه تجب على من بلغ عشرا، وفي رواية عنه تجب على المميز ذكرها المصنف وغيره وأنه مكلف وذكرها في المذهب، وللفائدة انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 726 ، 5074 ، 4479.
وخلاصة القول أن الحديث صحيح فلا مجال لرده بالرأي، وغاية نهاية الضرب للصبي هي بلوغه، فحينئذ يكون الولد مكلفا أمام الشارع، وإذا ترك الصلاة جحودا أو كسلا فيطبق عليه حكم تاركها كما هو مبين في الفتويين رقم: 512 / 1145 ، وعلى وليه ومن حضرهم من جماعة المسلمين أن يأمره بالصلاة إن تركها أو تكاسل في أدائها من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولذك درجات ومراتب بيناها في الفتوى رقم: 26058 ، وأما حديثك عن معنى اللام وأنها لا تأتي إلا لانتهاء الغاية فغير صحيح، لأن استعمالها لانتهاءالغاية قليل كما قال ابن عقيل، ولها في اللغة معان كثيرة أوصلها بعضهم إلى ثلاثين كما ذكر ابن أم قاسم المرادي في كتابه الجني الداني في حروف المعاني، ومما ذكر من تلك المعاني الظرفية والتعدية والتعليل والنسب والتمليك وشبهه والملك وشبهه والصيرورة والتعجب والتبليغ وغيرها، وأشار إلى بعضها ابن مالك في ألفيته فقال:
واللام للملك وشبهه وفي تعدية أيضا وتعليل قفي
وزيد ................
والله أعلم.