الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالأصل أن النظم والقوانين في كل البلدان يجب أن تكون تابعة للدين وموافقة له، أما إذا كانت غير موافقة للدين فيجب تركها والتخلي عنها، وإحلال الدين محلها، لأن ديننا الإسلامي دين عظيم شامل كامل، وفيه الحل لكل المشكلات والمعضلات، وقد كفل الإسلام للمرأة حريتها، وأعلى من شأنها وكرمها أما وبنتا وأختا وزوجة، وقد وصى رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم بالنساء خيرا فقال: استوصوا بالنساء خيرا، فإنهن عوان عندكم. رواه الترمذي وقال حسن صحيح. وعوان أي أسيرات، شبههن الرسول صلى الله عليه وسلم بالأسيرات شفقة ورحمة.
وليست الحرية والتقدم في خلاف الشرع، فالالتزام بالدين هو سبيل الفوز والتقدم، وترك الدين سبب للحرمان؛ كما في الحديث: إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه. رواه أحمد وحسنه الألباني والأرناؤوط.
وقد قال الله تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً{الطلاق:4}، وقال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ. {الطلاق:2-3}. وقال الله تعالى: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ القُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ {الأعراف: 96}.
وقد سعد المسلمون بالتقدم لما تمسكوا بالدين في الزمن الأول فبنوا حضارات في الشرق والغرب، وقد تقدم في هذا العصر بعض الدول كماليزيا وغيرها ولم يستلزم ذلك فرض المعاصي على شعوبهم، واعلم أن الله أوجب علي النساء تغطية العورة ولبس الحجاب الشرعي، فقد قال تعالى: وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ..{النور: 31}. وقال أيضا جل شأنه: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ المُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا{الأحزاب:59}. ولم يجعل الله تعالى لأحد الخيار بعد ثبوت الأمر الرباني فقد قال تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا{الأحزاب:36}. فأخبر سبحانه أنه ليس لمؤمن أن يختار بعد قضائه وقضاء رسوله، ومن تخير بعد ذلك فقد ضل ضلالا مبينا، والحجاب قد قضى الله به من فوق سبع سماوات، وجعله عنوان العفة، فمن ظن أن له التحكم في رفضه وحمل النساء على تركه فقد جنى عليهن وغشهن وضل ضلالا مبينا.
وإن من أعظم الجناية على النساء تعريضهن للتبرج فأحرى فرضه عليهن، فقد جنى عليهن من يعرضهن لخلاف أمر الله ولعقابه، فقد قال الله تعالى : وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ {النور:31}، وقال: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى{الأحزاب:33}. و قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ المُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا{الأحزاب:59}.
فالحجاب عن الأجانب طهارة للمجتمع..قال جل وعلا: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ {الأحزاب:53}
وقد توعد الله بالعذاب من يحب شيوع الفاحشة في المجتمع المسلم، فما الظن بمن يفرض عليه أسبابها. قال الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آَمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآَخِرَةِ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ{النور:19}.
وعلى النساء أن يحرصن قدر المستطاع على عدم طاعة الخلق في التبرج وترك الحجاب الشرعي، فقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن المتبرجات من أشد الناس عذابا يوم القيامة، وذكر أنهن ملعونات، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صنفان من أهل النار لم أرهما قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا.
وقد روى أحمد في المسند والبخاري في الأدب المفرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ثلاثة لا تسأل عنهم: رجل فارق الجماعة وعصى إمامه فمات عاصيا فلا تسأل عنه، وأمة أو عبد أبق من سيده، وامرأة غاب زوجها وكفاها مؤنة الدنيا فتبرجت وتمرجت بعده، وثلاثة لا تسأل عنهم: رجل نازع الله رداءه فإن رداءه الكبرياء وإزاره العزة، ورجل شك في أمر الله، والقنوط من رحمة الله. والحديث صححه الألباني.
وقد روى الإمام أحمد عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: سيكون في آخر أمتي رجال يركبون على سروج كأشباه الرجال ينزلون على أبواب المساجد، نساؤهم كاسيات عاريات على رؤوسهن كأسنمة البخت العجاف، العنوهن فإنهن ملعونات، لو كانت وراءكم أمة من الأمم لخدمن نساؤكم نساءهم كما يخدمنكم نساء الأمم قبلكم، وقد رواه أيضا ابن حبان والطبراني والحاكم، وقد صحح الحديث ابن حبان والحاكم والألباني في السلسلة الصحيحة.
وعلى من أجبرت من النساء على التبرج النظر في مستوى حاجتها للدراسة وإمكانية استغنائها عن الحضور اليومي للمدرسة بواسطة الدراسة بالمراسلة عبر الإنترنت أو أن تدرس في بيتها ثم تحضر الامتحان فقط، فإن تيسر هذا فهو أولى، وفي بريطانيا وسوريا وأمريكا جامعات من هذا النوع- فلا شك أن الدراسة فيها أولى لما فيها من الحفاظ على القرار في البيت الذي أمر الله به في قوله تعالى: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ{الأحزاب:33}، وللسلامة من مخالطة الرجال الأجانب، وإن اضطرت المرأة إلى الذهاب للمدارس فلا بأس بالدراسة فيها مع غض البصر وعدم الحوار مع الأجانب والعمل بما تيسر من الالتزام بالضوابط الشرعية نظرا لتلك الضرورة، فان زالت الضرورة أو وجدت وسيلة أخرى رجعت للأصل.
هذا؛ وننصح النساء بالحفاظ على صلاة الصبح في وقتها، وأذكار الصباح والمساء وصلاة أربع ركعات أول النهار، ففي الحديث: من صلى الصبح فهو في ذمة الله. رواه مسلم. وفي الحديث: قل هو الله أحد والمعوذتين حين تمسي وحين تصبح ثلاثا تكفيك من كل شيء. رواه أبو داود والترمذي وصححه الألباني. وفي الحديث القدسي: يا بن آدم صل لي أربع ركعات أول النهار أكفك آخره. رواه أحمد وابن حبان والطبراني، وقال المنذري والهيثمي: رجال أحمد رجال الصحيح. وليحرصن على السعي في الزواج ولو بعرض الواحدة نفسها على من يرتضى دينه وخلقه بواسطة إحدى محارمه أو أحد محارمها، وليحرصن على سؤال الله التقى والعفاف والغنى والثبات وكمال الهداية، والعون على الاستقامة على العبادة، ومن أهم ما يدعى به الدعاء المأثور في صحيح مسلم: اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى.
و في الحديث: أتحبون أن تجتهدوا في الدعاء؟ قولوا: اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك. رواه أحمد والحاكم، وقال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح غير موسى بن طارق وهو ثقة، وصححه الألباني، وراجع الفتوى رقم: 31768، والفتوى رقم: 57129، لمعرفة علاج حالة من يخاف قهر الظلمة.
وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية للمزيد في الموضوع: 32981، 59769، 50982، 20039.
والله أعلم.