الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم المشاركة في إصدار اعتماد لتصدير الخمر

السؤال

أعمل فى بنك بإدارة الاعتمادات المستندية -تصدير، ووصل إلى البنك اعتماد مستندي لحساب أحد عملائنا بخصوص تصدير مشروب بيرة كحولي لإحدى الدول العربية، وعند وصول الاعتماد قمت أنا ومديري المباشر بالاحتجاج على قبول مثل هذا الاعتماد أو عمل أي إجراء يخصه وبعرض الأمر على المدير العام (السلطة الأعلى) أفاد بأنا نقوم باخطار عميلنا بالاعتماد وعلينا قبوله وعمل الإجراءات المتبعة، وقمنا مكرهين بإخطار عميلنا بالاعتماد وعليه يقوم العميل بإرسال مستندات شحن لنقوم بتحصيل قيمتها لحسابه، هل هناك إثم علي أو على زملائي العاملين بالإدارة المشاركين بأي خطوة أو إجراء بهذا الاعتماد اللعين، علماً بأننا جميعاً مكرهون ومتضررون من تنفيذ أي إجراء على مثل هذا الاعتماد (حتى تصوير أي ورقة تخصه أو أي شيء من هذا القبيل)؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإذا كان هذا البنك بنكاً ربوياً فلا يجوز لك العمل فيه، وذلك لأن كل عمل له علاقة بالربا ومؤسساته سواء كانت العلاقة مباشرة أم كانت غير مباشرة فهو محرم شرعاً، لما في ذلك من الإعانة على الربا والرضى به، والله تعالى يقول: وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2}، وعن عبد الله بن مسعود وجابر بن عبد الله رضي الله عنهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه، وقال: هم سواء. متفق عليه، واللفظ لمسلم.

وقال صلى الله عليه وسلم: اجتنبوا السبع الموبقات... وذكر منها (وآكل الربا) كما في صحيح مسلم، قال المارودي في الحاوي الكبير: إن الله تعالى ما أحل الزنا ولا الربا في شريعة قط، وحرمة الربا مما يعلم بالضرورة من الدين فلا يجوز فعله ولا التعامل مع أصحابه. ومثل ذلك في الخطورة المساعدة في تصدير الخمر، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لعن الله الخمر وشاربها، وساقيها، وبائعها، وعاصرها، ومعتصرها، وحاملها، والمحمولة إليه، وآكل ثمنها. رواه أبو داود والحاكم بسند صحيح.

فالواجب على هذا التوبة إلى الله تعالى والمفارقة لهذا العمل، والبحث عن عمل مباح، قال الله تعالى: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا {الطلاق:2-3}، وإن كان البنك إسلامياً ولكنه تحصل عنده بعض التجاوزات، فالواجب البعد عن المشاركة في تلك التجاوزات وإنكارها والعمل في مجال آخر من المجالات المشروع عملها في البنك، وراجع ما ذكرناه وفصلناه في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1220، 39725، 1820، 78582، 78934، 12632، 65835.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني