الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أمور تعين على التخلص من العلاقة المحرمة بغير الزوج

السؤال

أنا شخص متزوج وعندي ثلاثة أطفال منذ سبع سنوات تقريبا وأصل زواجي من زوجتي وهي ابنة عمتي كان على أساس ديني فأنا كنت على جانب من التدين جيد وهي كذلك ولكن للأسف طرأ على حياتنا متغيرات ومشاكل جمة أفقدتنا روح الدين في حياتنا الزوجية وأنا أيضا ابتعدت عن الدين وعن الدروس التي كنت أعتادها قبل الزواج وفي أول سني زواجي وبعد ذلك البعد بدأت معي فتنة المصاحبة للنساء عن طريق الانترنت وطرق أخرى وبدأت معي كسبيل تسلية لا أكثر ولم أكن أعي خطورتها وشدة حرمتها وخاصة أنني متزوج وزاد الأمر سوءا اطلاع زوجتي على هذا الشيء بطريقة أو أخرى وأما قاصمة الظهر والمصيبة التي اعترتني في ديني وحياتي هو أنه في خلال إجازة الصيف المنصرم وأنا أحضر دورة للغة الفرنسية مختلطة في بلد من البلاد العربية صاحبت فتاة في تلك الدورة على أساس أنها علاقة صداقة فقط ولم أطلعها في بداية الأمر على أمر زواجي لا بقصد الكذب بل بل لعدم الإحساس بضرورة ذلك كون العلاقة لن تتعدى مدة هذه الدورة فإذا بالفتاة تتعلق بي شيئا فشيئا وبشكل متسارع جدا إلى أن أصبح التعلق في نهاية الدورة عشقا وهياما وأنا بدوري تعلقت بها أيضا ولكن كنت أحسبه تعلقا وقتيا إلى أن تنتهي هذه الدورة ولكن للأسف زاد الأمر سوءا وتمادت العلاقة إلى مقابلة يومية خلال فترة الإجازة التي امتدت شهرين تقريبا وبعد الإجازة إلى دخول شهر رمضان المبارك المنصرم وعندها أدركت أنني في ورطة فأحببت أن أخبر الفتاة بأمر زواجي وبالفعل كانت نيتي هي أن تكرهني وتبتعد عني إذ أن ألم التعلق بها وتعلقها بي بدأ يؤلم قلبي وروحي وخاصة خلال شهر رمضان أبدت حزنا شديدا إثر مصارحتها بالحقيقة وقررنا عندها أن نتعقل وننهي العلاقة التي أساسها بدأ على حرام وكذب وهي سافرت إلى بلد عملها وأنا كذلك ولكن للأسف لا أنا ولا هي استطاع أن يتماسك ويبقي على انقطاع العلاقة فإلى هذه الساعة لا تزال بيننا اتصالات هاتفية ومراسلات الكترونية ولكن بدون هدف ولا جدوى فمرة نتفق على أن نفترق وأخرى على أن نجد حلا لهذا التعلق والعشق المؤلم وأنا بدوري عندما شعرت بخطورة هذا الأمر توجهت فورا منذ أسبوع إلى مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم لأرمي نفسي وهمومي وآلامي في أحضان أنوار الرسول عليه الصلاة والسلام وقد دعوت الله كثيرا وتوسلت بأسمائه وبرسوله بأن ينسيني ويخرج من قلبي حب تلك الفتاة ويخرج حبي من قلبها وبالفعل شعرت بارتياح كبير دام أسبوعا فقط وإذ بهذا الشعور القابض والمؤلم يعود إلي ويزعجني ولا أكاد معه أتابع حياتي بشكل طبيعي فصورة تلك الفتاة تراودني في كل ساعة في عملي في بيتي في نومي وأنا أشعر بأنني لست الزوج المتدين الذي عهدته من قبل الذي كان لا يقبل بتعلق قلبه بغير من الأغيار سوى الله عز وجل فأنا ألجأ إلى الله أولا ثم إلى أولي العلم واليقين وأهل الاختصاص الديني لكي ينقذوني من هذه الورطة التي أنا جنيتها على نفسي فلا أنا أستطيع أن أنهي علاقتي مع هذه الفتاة وفي نفس الوقت لا أستطيع الزواج بها لعدة أسباب من بينها عدم خسران زوجتي وأولادي ؟ وجزاكم الله خيرا .

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنسأل الله تعالى ألا يزيغ قلبك بعد إذ هداك إنه سميع مجيب ، وأما ما ذكرت من حالك وما آل إليه أمرك فسببه الاستهانة بالمعاصي جليلها وحقيرها، وعدم امتثال أوامر المولى جل وعلا حيث قال : قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ {النور: 30 } وقوله : وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا {الإسراء: 32 } وقد تدرج بك الشيطان حتى آل بك الحال إلى ما أنت عليه، ولا يزال بك يغريك ويوسوس لك ويزين لك المعاصي ويخففها في عينك حتى يوقعك فيما هو أعظم فأنت مبتغاه وإفسادك هو غايته، وقد أقسم على ذلك كما أخبر تعالى عنه في قوله : وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآَمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آَذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآَمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا {النساء: 119 } هذا هو الداء، والدواء هو امتثال ما أمر الله تعالى به من غض البصر وحفظ الجوارح والاستعانة بالصبر والصلاة والاستعاذة من الشيطان بالذكر وقراءة القرآن قال تعالى : وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ {الأعراف: 200 } واعلم أن علاقتك بتلك الفتاة محرمة ويجب عليك قطعها والكف عن محادثتها ومراسلتها، وينبغي أن تغير عنوانك البريدي ورقم هاتفك وجميع عناوينك التي بيدها وتقطع كل سبيل قد يوصلك إليها أو يربطك بها، اقرأ ما قرره العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى لعلاج العشق في الفتوى رقم : 9360 ، واعلم أن خير ما يعينك على الالتزام مصاحبة أهل الخير ومجالسة الصالحين والبعد عن أصدقاء السوء كما قال تعالى : وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا {الكهف : 28 } وهذا ما وجدته بالفعل خلال أسبوع من الطاعات والتجاء إلى الله تعالى، فلا تصدق إيحاء الشيطان بأنك عاجز عن نسيان هذه الفتاة، بل تيقن أن النفس كالرحى تطحن ما يصل إليها، فإن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل، فاستعن بالله تعالى، واملأ وقتك بما ينفعك في دينك ودنياك .

وقد ذكرت في سؤالك أنك زرت مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وشرفت بالصلاة فيه والاطراح بين يدي الله عز وجل وعنده إمعانا في التوبة وطمعا في المغفرة، وقد توسلت إليه بأسمائه وبرسوله صلى الله عليه وسلم ، وللتوسل ضوابط فمنه ما هو مشروع ومنه ما هو ممنوع وقد بينا ذلك مفصلا في الفتويين : 4413، 16690، وللفائدة ننصحك بمراجعة الفتويين : 1072، 11945.

والله أعلم .

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني