السؤال
أنا شخص متزوج منذ ثماني سنوات ولي طفلان ومشكلتي هي أن زوجتي تعمل في مكان يبعد بمسافة 1000كلم عن المدينة التي أنا بها وكانت تذهب لمباشرة عملها وفي أحسن الأحوال كانت تقضي عندي من شهرين إلي ثلاثة شهور بالسنة, وفي المرة الأخيرة ذهبت هناك ولكن إرا
دتها أن لا تعود حتى تنهي جميع الأمور المتعلقه بها كي تقيم هي وأطفالها معي حيث يوجد منزل لنا وكذلك أحوال المعيشة ممتازة وأنا إنسان مقتدر وغير محتاج لعملها، فرفضت هذا الاختيار، علما بأني شديد الحرص على أطفالي وتربيتهم، سؤالي هو: هل بالإمكان أن أطلب طفليّ وتربيتهما حيث إنها أم عامله وليس لديها الوقت ويوجد ببيتهم أمها أي جدة الأطفال لأمهم، علما بأني رجل مقتدر وأستطيع توفير حياة أسرية جيّدة؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كانت زوجتك قد شرطت عليك استمرارها في وظيفتها فليس لك إرغامها على تركها؛ لما روى أبو مسعود عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج. متفق عليه.
وهذا إذا كان عملها منضبطاً بالضوابط الشرعية، وقد بينا تلك الضوابط في الفتوى رقم: 522.
وأما إذا لم تكن قد اشترطت عليك ذلك فليس من حقها أن تعمل خارج بيتها إلا إذا كنت راضياً به، ولك أن تمنعها منه لأن الواجب عليها هو أن تطيعك بالمعروف لورود التوجيه النبوي بذلك، ففي الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تصوم المرأة وزوجها شاهد يوما من غير شهر رمضان إلا بإذنه.
وفي الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها. وفي النسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أي النساء خير؟ قال: التي تسره إذا نظر وتطيعه إذا أمر، ولا تخالفه في نفسها ومالها بما يكره.
وما دمت ميسور الحال فلا ينبغي لها أن تعمل ولو كان عملها مشروعاً واشترطت عليك البقاء فيه؛ لما يترتب على عملها من تضييع بيتها وأولادها سيما مع بعد مكان عملها. ومع بقائها على رأس عملها فلك أخذ الأبناء معك لانشغالها عنهم ولكونك القائم عليهم.
قال ابن قدامة في المغني: فصل: وإذا أراد أحد الأبوين السفر لحاجة ثم يعود، والآخر مقيم، فالمقيم أولى بالحضانة، لأن في المسافرة بالولد إضراراً به، ... وإن كان البلد الذي ينتقل إليه آمنا، وطريقه آمن، فالأب أحق به، سواء كان هو المقيم أو المنتقل، إلا أن يكون بين البلدين قريب، بحيث يراهم الأب كل يوم ويرونه، فتكون الأم على حضانتها... وبما ذكرناه من تقديم الأب عند افتراق الدار بهما، قال شريح، ومالك، والشافعي، وقال أصحاب الرأي: إن انتقل الأب، فالأم أحق به، وإن انتقلت الأم إلى البلد الذي كان فيه أصل النكاح فهي أحق، وإن انتقلت إلى غيره فالأب أحق... ولنا أنه اختلف مسكن الأبوين فكان الأب أحق... لأن الأب في العادة هو الذي يقوم بتأديب ابنه وتخريجه وحفظ نسبه، فإذا لم يكن في بلده ضاع.
والله أعلم.