الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

صبر الزوجين على تحري الحلال وتجنب الحرام

السؤال

أنا متزوج ولي طفلان، زوجتي والحمد لله تحجبت بعد العديد من المجهودات وبمشيئة من الله عز وجل، ولكنها يراودها قلق غريب ودائم من الحجاب وذلك للتغريبة التي حصلت في بلادنا للمسلمين، لأن السائد في بلادنا المسلم لا التزام له سوى الصلاة ويعيش مثل الناس يقترض بالربا لشراء سيارة ولبناء مسكن ويحلق اللحية ليتمكن من العمل وينزع الحجاب للحصول على عمل، وهذا أحرجني في بناء أسرتي، وذلك لأني توكلت على الله وعزمت على عدم الالتجاء إلى القروض ولا إلى نزع الحجاب لأسترزق، وهذا التوجه أرهق زوجتي وجعلها دائما تشعر بعدم الاستقرار وتنوي تارة نزع الحجاب وتارة تطلب الطلاق وترى بأني أنغص عليها حياتها؛ فهل أعتبر نفسي بأني أمسكها ضرارا، هل رفضي للطلاق وتأكيدي لها بأنني لا أطلقها مهما كان الأمر منافيا لتعاليم الإسلام، وهل أنني مذنب في الإرهاق النفسي الذي أسببه لها، أريد حلا من فضيلتكم خاصة وأن علاقتنا على محبة كبيرة وبيتنا سعيد إذا ما لم نتطرق إلى تلك الاشكاليات؛ علما بأني لا أجد أن أصبرها وأخرجها من الوضعية النفسية المتأزمة؟ وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنسأل الله تعالى ألا يزيغ قلبك بعد إذ هداك، ويوفقك لما يحبه ويرضاه، ويغنيك بحلاله عن حرامه، ويباعد بينك وبين معاصيه، وجواباً على سؤالك نقول: إن قرارك بعدم اللجوء إلى المعاملات المحرمة والأعمال المشبوهة قرار صائب وفعل سديد، وينبغي لزوجتك أن تعينك عليه، وتكون مثل تلك المرأة الصالحة التي توصي زوجها حين يخرج للكسب قائلة: اتق الله فينا ولا تطعمنا حراماً، فإنا نصبر على الجوع ولا نصبر على النار.

ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه، ومن يتق الله ييسر أمره ويرزقه من حيث لا يحتسب كما في قوله: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا {الطلاق:2-3}، ولا يجوز لزوجتك أن تسألك الطلاق لمثل هذا، ونعيذها أن تكون كمن قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه أبو داود والترمذي وابن حبان من حديث ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة سألت زوجها طلاقها من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة. وروى ابن ماجه في سننه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تسأل المرأة زوجها طلاقها من غير كنهه فتجد ريح الجنة. وعدم نزولك عند رغبتها في الفراق هو الأولى، ولا إثم عليك فيه ما دمت لم تمنعها حقاً من حقوقها، وننصحكما بالصبر وتجاوز الخلافات البسيطة، وينبغي لك أن تجيبها إلى ما تسألك من المباح فتوسع عليها إن كان ذلك في مقدورك وطاقتك من غير إسراف ولا تقتير، ودون التكسب من الحرام أو الوقوع فيه، قال تعالى: أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ {الطلاق:6}، وللفائدة انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 8622، 48166، 49823.

وننصحك بكثرة الدعاء أن ترزقا المودة والرحمة والألفة، وأن يصلحها الله لك كما أصلح لزكريا زوجه، ونوصيكما بالصبر وتقوى الله عز وجل، فمن اتقاه سهل أمره، وفرج كربه، وأبدله من عسره يسراً، ورزقه من حيث لا يحتسب. وللفائدة نرجو مراجعة الفتوى رقم: 1867، والفتوى رقم: 71662.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني