السؤال
تزوج رجل بامرأة زواجا بدون أوراق رسمية، وبعد ستة أشهر دبت بينهما الخلافات التي أدت لأن يتركها، وعلى مدار سنة طالبته بالطلاق وكان يعدها أنه سيفعل ولكن بعد أن يستوفي حقوقه المادية منها، ثم تعرفت على رجل آخر وتزوجته دون أن تخبره بالزواج السابق باعتباره كان نصبا واحتيالا عليها، وهي الآن حامل من الزوج الثاني ، الزوج الأول يؤكد أنه لم يطلقها ، والثاني يؤكد أنه لم يعلم بهذا الزواج السابق ، وكل من الثلاثة يسأل عن ما يلزمه شرعا ؟؟؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فهذه المسألة من المسائل الشائكة والأمور الخطيرة لتداخل الحقوق، وتشاكس الخصوم، وإلحاق النسب فيها؛ ولذا ينبغي رفعها إلى المحاكم أو الهيئات التي تمثلها وتعنى بالنظر في قضايا المسلمين في البلاد الغربية، لتستفصل عما ينبغي الاستفصال عنه وتحكم فيها بما تراه. ولا يعتمد فيها على السؤال والجواب عن بُعد لكثرة الاحتمالات، واختلاف الأحكام المترتبة على كل احتمال، واستقصاؤها غير ممكن في مثل هذا المقام. ولكن للفائدة نقول: إذا كان نكاحها بزوجها الأول قد تم بشروطه وأركانه المعتبرة شرعا فهو صحيح باق ولا عبرة بعدم توثيقه في الدوائر الرسمية، وقد سبق بيان الشروط التي يجب توفرها في الزواج الشرعي في الفتوى رقم:25024، والفتوى رقم:964 فراجعهما.
وبناء عليه؛ فالمرأة لا تزال في عصمة زوجها الأول ونكاحها الثاني باطل، لكن إن كان الزوج الثاني لا يعلم كونها متزوجة وهي تجهل حكم بقائها في عصمة زوجها فنكاحهما -أي نكاح الثاني- نكاح شبهة يدرأ به الحد ويلحق به الولد إن كان قد دخل بها في طهر لم يمسها فيه زوجها الأول وولدت لستة أشهر فأكثر من حين دخوله بها لا أقل، لأنها إن ولدت لأقل من ستة أشهر فهو للأول قولا واحدا. وإن كان مسها في طهر مسها فيه زوجها الأول وولدت لستة أشهر فأكثر فهنا يحتمل أن يكون الولد للأول ويحتمل أن يكون للثاني، والحل هنا أن ينظر القائف في الولد ويلحقه بأحدهما. وتقوم التحاليل المخبرية اليوم مقام القائف لانضباطها قال الرحيباني في مطالب أولي النهى: (وَكَذَا لَوْ وُطِئَتْ امْرَأَتُهُ) بِشُبْهَةٍ.. فَاعْتَزَلَهَا حَتَّى أَتَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ حِينِ الْوَطْءِ فَإِنَّهُ يَلْحَقُ الْوَلَدُ بِالْوَاطِئِ، لِلْعِلْمِ بِأَنَّهُ مِنْهُ، وَيَنْتَفِي عَنْ الزَّوْجِ مِنْ غَيْرِ لِعَانٍ، لِلْعِلْمِ بِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ.( وَ) إنْ أَتَتْ بِهِ لِدُونِ نِصْفِ سَنَةٍ (فَـ) الْوَلَدُ (لـِ) لِوَاطِئِ الْأَوَّلِ لِلْعِلْمِ بِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ وَطْءِ الشُّبْهَةِ.. (وَإِنْ اشْتَرَكَا) أَيْ: الزَّوْجُ وَالْوَاطِئُ بِالشُّبْهَةِ (فِي وَطْئِهَا فِي طُهْرٍ) وَاحِدٍ (فَأَتَتْ بِمَا) أَيْ: وَلَدٍ (يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْهُمَا، أُرِيَ الْقَافَةَ) فَمَنْ أَلْحَقَتْهُ بِهِ مِنْهُمَا لَحِقَ بِهِ. انتهى منه باختصار
وعليها أن تعتد من الثاني، وما دامت الآن حاملا فتنتهي عدتها بوضع حملها إذا كان منه على التفصيل السابق، وترجع إلى زوجها الأول دون عقد جديد.
ونعيد التوكيد هنا بالرجوع إلى المحاكم الشرعية أو الهيئات التي تعنى بذلك في البلاد الغربية،كما ذكرنا سابقا. وللفائدة نرجو مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية:25327، 52635.
والله أعلم.