السؤال
سأحدثكم عن مشكلتي النادرة الحدوث ، فقد أرسلت لي زوجتي التي تزوجتها منذ وقت قريب ورقة الطلاق ، وذكرت فيها أنها طلقت نفسها مني طلاقا بائنا ، مستخدمة في ذلك تفويض الطلاق الذي أعطيته لها في صك الزواج الرسمي وقت العقد ، فحسب قوانين بنجلاديش تعطى الزوجة صلاحية تطليق نفسها تلقائيا في كل صك زواج رسمي ، وما لم يقم الزوج بإلغاء هذه الصلاحية في صك الزواج تصير سارية المفعول تلقائيا كما لو وافق على تفويض الزوجة في تطليق نفسها ، ورغم علمي بهذا الأمر عند العقد فقد تركت الأمر بلا تغيير ظنا مني أن الأمر غير ضروري ، إذ لم أتصور قط أن تلك الصلاحية سوف تستخدم عمليا ، فهل أمامي الآن أي سبيل لإرجاع زوجتي؟ أرجو أن تشرحوا لي موضوع الاختيار (التخيير) . وهل يجوز للزوج أن يلغي تفويض زوجته في الطلاق بعد منحه لها ؟ وما هي شروط وقوع الطلاق إذا ما اختارت الزوجة أن تطلق نفسها بموجب هذا التفويض؟ وهل يقع ذلك الطلاق رجعيا أم بائنا ؟ وإذا كان رجعيا فهل يتوقف على رضا الطرفين ؟ أم يحق لأي منهما أن يلغيه؟ وبالنسبة للعدة ، نحن نعلم أنه لا عدة في الطلاق قبل الدخول ، فما شرط الطلاق في هذه الحالة ؟ وهل يقع ناجزا على الفور إذا كان قبل الدخول أم أنه يقع بعد فترة معينة ؟ وما هي أحكام الرجعة في مثل هذا الوضع؟ وهل يمكن في أي وقت أم أنه لم يعد هناك فرصة للمراجعة؟ ولو أمكن الرجوع فما هي كيفيته؟ وهل يكفي مجرد الرجوع عن الطلاق أم لا بد من تجديد العقد ؟ أم أنه يجوز للمرأة في حالة الطلاق المذكورة أن تتزوج من تشاء سواء كان زوجها أو غيره في أي وقت تشاء ؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فهذه أسئلة كثيرة جداً ، وبعضها يتداخل مع البعض . وقبل الجواب عنها، نريد أولاً أن ننبهك إلى أننا كما قد أجبنا في فتاوى سابقة عن بعضها، ولك أن تراجع من ذلك فتوانا رقم : 9050، عن حكم تفويض المرأة تطليق نفسها،وفتوانا رقم : 20741، عن أن الطلاق قبل الدخول طلاق بائن ، وفتوانا رقم : 41127، عن أن الخلوة الصحيحة لها حكم الدخول ويترتب عليها آثار الدخول ، وفتوانا رقم : 31394، عن أنواع الطلاق.
وإذا ملك الزوج لزوجته طلاق نفسها كان من حقها أن تنفذ ما ملكته. ففي المغني لابن قدامه معلقاً على قول الخرقي: ( وإذا قال لها : أمرك بيدك فهو بيدها ، وإن تطاول، ما لم يفسخ أو يطأها ) قال : وجملة ذلك أن الزوج مخير بين أن يطلق بنفسه وبين أن يوكل فيه ، وبين أن يفوضه إلى المرأة ويجعله إلى اختيارها؛ بدليل أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ خير نساءه فاخترنه . ومتى جعل أمر امرأته بيدها فهو بيدها أبداً ....أ.هـ.
ومن هذا يتبين لك أنه ليس بإمكانك أن تسترجع زوجتك طالما أنها قد أخذت بهذا الحق ، وأن طلاقها كان قبل الدخول؛ لأنها بذلك تبين منك ، ولا يمكنك استرجاعها إلا بعقد جديد.
ثم إنه لا يمكن وصف هذا التمليك بأن الزوج مكره عليه بمقتضى القوانين؛ لأنه ورد في سؤالك أن القوانين تعطي الزوجة صلاحية تطليق نفسها تلقائيا ما لم يقم الزوج بإلغاء هذه الصلاحية . فطالما أن الزوج يمكن أن يلغي هذه الصلاحية ، فإنه إذا لم يلغها لا يعتبر مكرها على التمليك .
وفيما إذا كان يجوز للزوج أن يلغي تفويض زوجته في الطلاق بعد منحه لها ،فالجواب أن له ذلك قال ابن قدامه : ويجوز أن يجعل أمر امرأته بيدها بعوض وحكمه حكم ما لا عوض له في أن له الرجوع فيما جعل لها .
والله أعلم .