الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الموظف الحكومي الذي يستلم راتبا بغير عمل

السؤال

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد :
سماحة الشيخ أولا والذي نفسي بيده إني أحبك في الله، ثانيا سؤالي طويل وأرجو منك أن تجيبني عليه، سؤالي كالآتي :
هنا في بلدنا تعمل الدولة تعيينات وبكل أمانة يعين أشخاص كثيرون، فأنا مثلا معين في أمانة الزراعة وأمانة الزراعة المكاتب التي فيها لا تتجاوز أربعين مكتبا وكلها بها موظفوها ومعين فيها أكثر من مائتي شخص وأنا طبعا منهم، وأنا ياشيخ دارس إلى المرحلة المتوسطة وأخذت الشهادة ولم أجد عملا فعملت ملفا وتعينت في الزراعة وأنا لي ست سنوات آخذ مرتبا بدون أن أذهب إلى الزراعة أي بدون أن أعمل، علما بأني يا شيخ مرة حصلت عملا معهم في الزراعة ولكن المكان الذي حصلت فيه العمل معهم فيه الكثير من النساء والنساء اللاتي في هذا العمل متبرجات كثيرا ولبسهن ليس اللباس الشرعي فخفت بصراحة أن أفتتن بهن فلم أعمل معهم وأنا يا شيخ والحمد لله ملتزم بدين الله وحافظ للقرآن وحتى الآن أنا آخذ هذا المرتب علما بأن الدولة تعلم بأن كثيرا من الذين يأخذون هذا المرتبات لا يباشرون العمل، فأنا يا شيخ أريد أنا أسأل أولا ما حكم هذا المال ؟
ثانيا إذا كان هذا المال حراما فماذا أفعل في المال الذي أخذته منذ ست سنوات ؟
ثالثا إذا كان هذا المال حلالا فما حكم شخص يأخذ هذا المال ويأخذ مرتبا آخر من عمل آخر سواء كان هذا العمل حكوميا أو من أعمال حرة مثلا مثل من يشتغل في دكان أو في التجارة أو أي عمل ليس حكوميا ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فبارك الله فيك وأحبك كما أحببتنا فيه، وفيما يتعلق بموضوع سؤالك، فاعلم أن الله تعالى قد حذرنا من أكل الأموال بالباطل فقال تعالى: وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ {البقرة:188}.

وحذر النبي صلى الله عليه وسلم من أخذ المال العام بغير حق، فقد روى البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وإن هذا المال حلوة... من أخذه بحقه فنعم المعونة، ومن أخذه بغير حقه كان كالذي يأكل ولا يشبع. وفي رواية لهما: ويكون عليه شهيدا يوم القيامة.

وفيهما عن أبي حميد مرفوعا: والله لا يأخذ أحد منكم شيئا بغير حقه إلا لقي الله تعالى يوم القيامة يحمله.

واستلامك لراتب دون عمل لا يخرج عن إحدى حالات ثلاث كنا قد بيناها من قبل، وبينا حكم كل واحدة منها، ولك أن تراجع فيها فتوانا رقم: 49901.

هذا عن سؤالك الأول، وإذا كان هذا المال حراما –حسب التفصيل الذي بيناه- فالواجب هو التخلص منه بإرجاعه إلى خزانة الدولة إذا كنت تعرف أنه سيصرف في مصارفه الشرعية، وإلا وجب عليك صرفه في تلك المصارف، وهي مصالح المسلمين العامة، ومنها صرفه على الفقراء والمحتاجين.

وإن كنت أنت فقيرا محتاجا لما تنفقه على نفسك وعلى من تلزمك نفقته فإن لك أن تأخذ منه بهذا الوصف.

ثم عن سؤالك الثالث، فإن أخذ الشخص المستفيد لمرتب آخر من عمل آخر، إذا كان يتناقض مع الشرط الذي مُنح بموجبه الراتب من الدولة، فإن راتب الدولة يصير غير مباح له، وإن لم يكن يتناقض مع ذلك الشرط، فلا حرج عليه في الاستفادة من الراتبين.

ومما يجدر التنبيه له أن الشرط لا يلزم أن يشافَه به الموظف مباشرة، بل يكفي أن تكون القوانين المعمول بها مشتملة عليه، أو يجري به العرف بين الناس.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني