السؤال
هنالك سؤال يحيرني.. في حديث حق العباد على الله وحق الله على العباد.. حق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به أحداً فكيف نفهم هذا الحديث، وهل يعني أنه مهما ارتكب العبد من المعاصي لا يعذب إذا كان موحداً ولا يشرك بالله شيئا، ألا يفتح هذا الباب أمام الناس ليرتكبوا كل المعاصي؟
الإجابــة
خلاصة الفتوى:
لا بد من الجمع بين الحديث وبين نصوص الكتاب والسنة التي تفيد أن بعض عصاة الموحدين يدخلون النار.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد تكلم ابن حجر في فتح الباري على معنى هذا الحديث وبين: أنه قد عارضه ما تواتر من نصوص الكتاب والسنة أن بعض عصاة الموحدين يدخلون النار، فعلى هذا فيجب الجمع بين الأمرين، وقد سلكوا في ذلك مسالك أحدها: قول الزهري أن هذه الرخصة كانت قبل نزول الفرائض والحدود، واستبعده غيره من أن النسخ لا يدخل الخبر، وبأن سماع معاذ لهذه كان متأخراً عن أكثر نزول الفرائض، وقيل: لا نسخ بل هو على عمومه ولكنه مقيد بشرائط كما ترتب الأحكام على أسبابها المقتضية المتوقفة على انتفاء الموانع، فإذا تكامل ذلك عمل المقتضي عمله، وإلى ذلك أشار وهب بن منبه بقوله في شرح أن لا إله إلا الله مفتاح الجنة: ليس من مفتاح إلا وله أسنان. وقيل: المراد ترك دخول نار الشرك. وقيل: ترك تعذيب جميع بدن الموحدين لأن النار لا تحرق مواضع السجود. وقيل: ليس ذلك لكل من وحد وعبد؛ بل يختص بمن أخلص، والإخلاص يقتضي تحقيق القلب بمعناها، ولا يتصور حصول التحقيق مع الإصرار على المعصية لامتلاء القلب بمحبة الله تعالى وخشيته فتنبعث الجوارح إلى الطاعة وتنكف عن المعصية. انتهى ملخصاً.
والله أعلم.