الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلم تبين لنا ما هية الظلم الذي حصل من ذلك الشخص لنبين لك ما يجب عليه، لكن لتعلم أن ظلم الناس بأخذ أموالهم أو سفك دمائهم أو هتك أعراضهم أو قذفهم وسبهم أو ضربهم وإهانتهم أو بالاعتداء عليهم بأي صورة من الصور يعتبر إثماً عظيماً وذنباً جسيماً، وقد توعد الله عليه بالعذاب الكبير والأليم، قال الله تعالى: وَمَن يَظْلِم مِّنكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا {الفرقان:19}، وقال تعالى: إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ {إبراهيم:22}، وفي صحيح البخاري: أن أبا سلمة كانت بينه وبين أناس خصومة فذكر لعائشة رضي الله عنها فقالت يا أبا سلمة اجتنب الأرض فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من ظلم قيد شبر من الأرض طوقه من سبع أرضين. وفي معناه كما روى الطبري وابن حبان من حديث يعلى بن مرة مرفوعاً: أيما رجل ظلم شبراً من الأرض كلفه الله أن يحفره حتى يبلغ آخر سبع أرضين، ثم يطوقه يوم القيامة حتى يقضى بين الناس. أي يجعل كالطوق في عنقه.
وفيه أيضاً: عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لن يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً. قال العيني: أي في سعة منشرح الصدر وإذا قتل نفساً بغير حق صار منحصراً ضيقاً لما أوعد الله عليه ما لم يوعد على غيره. وقال ابن عمر: إن من ورطات الأمور التي لا مخرج لمن أوقع نفسه فيها سفك الدم الحرام بغير حله.
وبالجملة فإن صور ظلم الغير كثيرة كما أسلفنا، وعلى من وقع في شيء منها أن يتوب إلى الله تعالى توبة نصوحاً، ومن شروط التوبة في هذه الحالة: رد الحقوق إلى أهلها، وقد يكون ذلك برد المال، وقد يكون بدفع النفس كالاقتصاص منه أو بدفع الدية أو دفع تعويض أو غرامة مالية أو استرضاء المظلوم وطلب مغفرته ومسامحته أو غير ذلك مما يحكم به الشرع أو يحكم به الحاكم المسلم، وهذا هو السبيل الأوحد لتكفير الذنوب المتعلقة بالعباد... وقد أحسن هذا الشخص صنيعاً بتوبته عما فعل وسعيه حثيثاً لإرجاع الحق لصاحبه، ولعل ما حصل له في الدنيا يكون كفارة لذنوبه، وعليه مع ذلك الاستمرار في البحث عن صاحب الحق إن ظن الوصول إليه والإكثار من الاستغفار والأعمال الصالحة والتصدق، وللمزيد من الفائدة والبيان يرجى الإطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 34977، 4603، 50885، 71974.
والله أعلم.