الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالطلاق بعد صدوره من المرء لا يمكنه الرجوع عنه ولو كان هازلا، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ثلاث جدهن جد وهزلهن جد: الطلاق والعتاق والرجعة. رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه. وعن فضالة بن عبيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاث لا يجوز اللعب فيهن: الطلاق والنكاح والعتق. رواه الطبراني في الكبير بسند ضعيف، وله شواهد يتقوى بها. ولذا حسنه الألباني في صحيح الجامع برقم:3047،
وقال ابن المنذر: أجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم أن جد الطلاق وهزله سواء، وقد نقل صاحب عون المعبود عن الخطابي قوله: اتفق عامة أهل العلم على أن صريح لفظ الطلاق إذا جرى على لسان الإنسان العاقل البالغ فإنه مؤاخذ به ولا ينفعه أن يقول كنت لاعبا أو هازلا أو لم أنوه طلاقا أو ما شابه ذلك من الأمور.
ولعل الشارع الحكيم أراد بذلك زجر الناس عن التلاعب بالعصم واستسهال أمرها والحذر من جريان الطلاق على الألسنة. وعلى هذا فينبغي للمسلم أن يحذر من تعويد لسانه على ألفاظ الطلاق لئلا يوقع نفسه في حرج كان في غنى عنه هذا من حيث العموم.
لكن ننبه هنا إلى أنه يحق للرجل مراجعة زوجته قبل انقضاء عدتها دون عقد جديد إن كانت تلك التطليقة هي الأولى أو الثانية, وبعد العدة له أن ينكحها بعقد جديد، وكذا له أن ينكحها بعقد جديد إن طلقها قبل أن يدخل بها، أما إذا طلقها الثالثة, فإنها تحرم عليه بالثالثة حتى تنكح زوجا غيره.
وللمزيد انظر هاتين الفتويين: 2550، 54195.
والله أعلم.