الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمسألتك تحتمل أحد أمرين: الأول: إن كان حساب الخمسة الشهور المذكورة من بعد عقد الزواج فهذا المولود لا يعد ابنا لأخيك إذا لم يدَّعه، ولا ينسب له وإنما ينسب لأمه ويرثها وترثه وتثبت بينهما الحرمة والمحرمية، والولاية الشرعية، وغير ذلك من أحكام البنوة لأنه ابنها حقيقة ولا خلاف في ذلك. وراجع الفتوى رقم: 6045 لأن أقل مدة الحمل ستة أشهر باتفاق الأئمة؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ {الأحقاف:15}. ثُمَّ قَالَ: وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ {لقمان:14}. فَبَقِيَ لِلْحَمْلِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ .
ولا يمنع من هذا الحكم كون المرأة كانت بكرا لأن الحمل قد يكون مع وجود البكارة، وراجع الفتوى رقم: 72062.
وإذا ادعى أخوك الولد وأنه منه والحال ما ذكرنا فكذلك الحكم عند جمهور الفقهاء؛ لأن ذلك إنما يدل على أنه وطئها قبل الزواج فهو زنا فلا يثبت به نسب، خلافا لأبي حنيفة الذي يرى أنه يلحقه بادعائه. وراجع الفتوى رقم: 6045.
والاحتمال الثاني: إن كان حساب الخمسة شهور من بعد البناء -الدخول بالزوجة- أو الخلوة بها مع إمكان الوطء، وكان العقد قد تم قبل ذلك بما لا يقل عن شهر فإن الولد ينسب لأخيك ولو اشتبه في أنه من الحرام، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: الولد للفراش وللعاهر الحجر. متفق عليه. وراجع الفتوى رقم: 11426. ولا ينفى هذا الولد عن أخيك إلا باللعان المعروف، وراجع الفتوى رقم: 66849. والفتوى رقم: 67409.
قال ابن قدامة في المغني: إذا وطئ الرجل أمته فأتت بولد بعد وطئه بستة أشهر فصاعدا لحقه نسبه، وإن أتت بولد تام لأقل من ستة أشهر لم يلحقه نسبه لأن أقل مدة الحمل ستة أشهر. اهـ.
وقال أيضا: لو خلا بها فأتت بولد لمدة الحمل لحقه نسبه وإن لم يطأ. اهـ.
وقال الشوكاني في نيل الأوطار: وَلَا بُدَّ فِي ثُبُوتِ نَسَبِ الْوَلَدِ أَنْ تَأْتِيَ الْمَرْأَةُ بِهِ بَعْدَ مُضِيِّ أَقَلِّ مُدَّةِ الْحَمْلِ مِنْ وَقْتِ إمْكَانِ الْوَطْءِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ أَوْ الْعَقْدِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ أَوْ مَعْرِفَةِ الْوَطْءِ الْمُحَقَّقِ عِنْدَ ابْنِ تَيْمِيَّةَ وَهَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ ، فَلَوْ وُجِدَتْ قَبْلَ مُضِيِّهَا حَصَلَ الْقَطْعُ بِأَنَّ الْوَلَدَ مِنْ قَبْلُ فَلَا يُلْحَقُ . اهـ. وللفائدة راجع الفتوى رقم: 23882، 73265، 66386، 7105 .
هذا، ونشير إلى أنه لا يجوز اتهام هذه المرأة بالزنا إذا لم تقر به، وأنه لا حد عليها عند جمهور أهل العلم لاحتمال أن يكون الحمل قد يكون نتيجة لوطء في النوم وهي لا تدري، أو أنه انتقل لها مني رجل بغير مباشرة وبغير علم أو نحو ذلك ، وراجع الفتوى رقم: 54129، والفتوى رقم: 28539.والفتوى رقم: 32178 والفتوى رقم: 29732 .
وأما حكم الزواج قبل أو بعد الولادة؟ فعلى الاحتمال الأول هو صحيح قبل الولادة وبعدها، ولا إشكال فيه؛ لانتفاء التهمة وثبوت نسبة الولد له.
وعلى الاحتمال الثاني فقد اختلف الفقهاء في نكاح الحامل من الزنى، فقال المالكية والحنابلة: لا يجوز نكاحها قبل وضع الحمل، سواء من الزاني نفسه، أو من غيره، لقوله صلى الله عليه وسلم: لا توطأ حامل حتى تضع. رواه أبو داود والحاكم وصححه، ويكون العقد باطلا. وراجع الفتوى رقم: 38866.
وذهب الشافعية والحنفية إلى أنه يجوز نكاح الحامل من الزنى لأنه لا حرمة لماء السفاح بدليل أنه لا يثبت به النسب، وإذا تزوجها غير من زنى بها، فلا يحل له وطؤها حتى تضع لحديث: لا توطأ حامل حتى تضع. ولقوله صلى الله عليه وسلم: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يسق ماءه زرع غيره. رواه الترمذي وحسنه.
وإذا تزوجها من زنى بها فله وطؤها؛ وراجع الفتوى رقم: 103061 والفتوى رقم: 4115 والفتوى رقم: 11426، والفتوى رقم: 2294 ، والفتوى رقم: 50225.
والله أعلم.