الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقبل الجواب عما سألت عنه نريد أولاً أن ننبهك إلى حكم الدراسة في المؤسسات المختلطة، ولك أن تراجعي في ذلك الفتوى رقم: 2523.
واعلمي أنه لا يجوز للفتاة مكالمة الفتيان إلا لحاجة وبشرط أمن الفتنة، والإسلام لا يقر علاقة صداقة بين رجل وامرأة أجنبية، فقد خاطب الله أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ونساءه، بقوله: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ... {الأحزاب:53}، كما أن الإسلام قد صان كرامة المرأة وحرص على عفة المجتمع وطهارته، فأمر المرأة بالحجاب، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا {الأحزاب:59}، فإذا كنت قد منّ الله عليك بالهداية للحجاب، فينبغي أن تتمسكي به ولا تلتفي لمن يعترض عليه، ولو كان والدك أو والدتك، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، فعن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا طاعة في معصية، إنما الطاعة في المعروف. صحيح البخاري ومسلم.
وكذلك لا يثنيك عنه ما يشترط للعمل في بعض بلاد المسلمين (للأسف) من خلع الحجاب، فإن ذلك ليس مبرراً للتنازل عن هذه الفريضة التي أمر الله بها.
وأما ما يتعلق بهذا الشاب الذي يريد خطبتك، فإن كان ذا دين وخلق فلا بأس في انتظاره حتى يستطيع مؤنة الزواج ما لم يكن في هذا الانتظار ضرر أو مفسدة، وعليه أن يخطبك من وليك إن كان جاداً في أمر الزواج منك، ولا بأس بوعدك له بالانتظار، وكذلك لا بأس بأن تقنعي أهلك برغبتك في الزواج منه واستعدادك لانتظاره، بعد التشاور والاستخارة والتوكل على الله، مع التنبيه على أن الخاطب حكمه حكم الأجنبي عن الفتاة التي خطبها ما دام لم يعقد عليها، ويمكن مراجعة حدود تعامل الخاطب مع خطيبته في الفتوى رقم: 15127.
والله أعلم.