شبهات وجوابها حول حجاب المرأة المسلمة

26-10-2008 | إسلام ويب

السؤال:
أرجو الرد المفصل على المجيزين للاختلاط القائلين: بأن آية: وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب التي يستدل بها بعض الفقهاء مع قاعدة أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ليست في محلها.
1- لأن الآية وردت في أمهات المؤمنين والقاعدة في الأصول: أن قضايا الأعيان لا تصلح دليلا على العموم. ويؤيد ما ذهبنا إليه، أن الآيات تبحث عن أمهات المؤمنين لا غير بدليل قوله تعالى بعد ذلك: ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا.
2- والقاعدة في الأصول: أن السياق والسباق محكم.
3- ويقوي هذا ما جاء في البخاري من أن الرجال والنساء كانوا يتوضؤون من بئر واحد تختلف أيديهم فيه وكذا ورد عن النبي.
4- ومن قال بأن هذا قبل الحجاب فهو مطالب بالتأريخ للقاعدة : أن النسخ لا يثبت بالاحتمال.
5- بل إن بعض أهل العلم قال بأن الحجاب لم يشرع إلا للتفريق بين الحرة من الأمة، إذ أن عورة الأمة كعورة الرجل مع وجود الفتنة فيها كالحرة بل قد تكون أشد إذا ما كانت في ريعان الشباب؟

الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا شك أن الآية تتحدث عن أمهات المؤمنين, ولكن مع ذلك فإنها تشمل نساء الأمة جميعا لما يلي:

أولا: أنه قد تقرر في علم الأصول أن الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم يتناول جميع الأمة إلا لمخصص.

 قال صاحب مراقي السعود:

 وما به قد خوطب النــبي    تعميمه في المذهب السني.

وإذا كان هذا في حقه صلى الله عليه وسلم، وهو صاحب الخصوصية العظمى، فمن باب أولى ما خوطب به من هو دونه من أزواجه وسائر أصحابه فإنه يتناول جميع الأمة ما لم يكن هناك مخصص, فكيف تقصر الآية المذكورة إذاً على نساء النبي صلى الله عليه وسلم دون مخصص.

ثانيا: أنه قد تقرر في علم الأصول أن الإيماء والتنبيه من مسالك العلة, والآية الكريمة قد أومأت إلى العلة ونبهت عليها. في قوله سبحانه: ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن.

 وتقرر أيضا أن العلة قد تعمم معلولها, وهل يقول مسلم: إن هذه العلة وهي طهارة قلوب الرجال والنساء وسلامتها من الريبة, مقصورة فقط على أزواج النبي والصحابة وغير مرادة من عموم المسلمين؟ فيالها من علة جامعة لم تغادر صغيرة ولا كبيرة من مقاصد فرض الحجاب إلا شملتها‏ وجمعتها.

قال الشنقيطي رحمه الله: فإن تعليله تعالى لهذا الحكم الذي هو إيجاب الحجاب بكونه أطهر لقلوب الرجال والنساء من الريبة في قوله تعالى: ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ {الأحزاب:53} قرينة واضحة على إرادة تعميم الحكم، إذ لم يقل أحد من جميع المسلمين، إن غير أزواج النبي صلى الله عليه وسلم لا حاجة إلى أطهرية قلوبهن وقلوب الرجال من الريبة منهن. وقد تقرر في الأصول: أن العلة قد تعمم معلولها. انتهى.

 وقال الجصاص: وهذا الحكم عام، وإن نزل خاصا ً في النبي صلى الله عليه وسلم وأزواجه، فالمعنى عام فيه وفى غيره.

ثالثا: ومما يفيد عموم هذه الآية أيضا وعدم اختصاصها بأمهات المؤمنين أن الآية التي بعدها قوله سبحانه: لا جناح عليهن في آبائهن ولا أبنائهن فإن نفي الجناح المذكور غير مختص بأمهات المؤمنين, ولهذا قال ابن كثير في تفسيره لهذه الآية: ‏لما أمر الله النساء بالحجاب عن الأجانب بيَّن أن هؤلاء الأقارب لا يجب الاحتجاب عنهم، كما استثناهم في سورة النور عند قوله تعالى‏ : ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن. الآية. انتهى.

أما ما جاء في صحيح البخاري من أن الرجال والنساء كانوا يتوضؤون من بئر واحد تختلف أيديهم فيه فقد أجاب عن ذلك ابن حجر ولم يخصها بما قبل الحجاب بل قال: والأولى في الجواب أن يقال: لا مانع من الاجتماع قبل نزول الحجاب، وأما بعده فيختص بالزوجات والمحارم. انتهى.

فحمل الاجتماع بعد آية الحجاب على الزوجات والمحارم.

أما من يقول إن الحجاب لم يشرع إلا للتفريق بين الحرة والأمة فقط فترد عليه الآية السابقة التي عللت تشريع الحجاب بطهارة قلوب الرجال والنساء.

وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 102209.

والله أعلم.

www.islamweb.net