الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فعلى والدك أن يبادر بإصلاح ما فسد بينه وبين والديه, وأن يحسن إليهما بكل سبيل, وأن يطيعهما فيما يأمرانه به من إصلاح علاقته بأخته، فإنهما ما يأمرانه في هذا إلا بالبر والصلة, ومهما يكن من أمر أخته فإنها في النهاية من أرحامه الذين تجب صلتهم, وتحرم قطيعتهم, وما أساءت فيه فإساءتها على نفسها, وسيحاسبها على ذلك ربها, ولكن هذا لا يسقط حقها في البر والصلة.
واعلم أخي السائل وأعلم أباك أنه ليست الصلة وصل الإنسان أرحامه إذا وصلوه بل هذه مكافأة، بل المراد أن يصلهم وإن قطعوا، ويحسن وإن أساءوا، ويعطيهم وإن منعوا, فتلك هي الصلة التي أمر الله بها، روى البخاري وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها.
اللهم إلا إذا كان أبوك قد أخذ هذا الموقف من عمتك لله وفي الله, وكان قصده من هجرانها زجرها وصدها عن ظلمها وعدوانها عند ذلك لا بأس في مقاطعتها إذا غلب على ظنه أن هذا مما يزجرها.
واعلم أيضا أننا بهذا لا نبرئ جدك وجدتك من التبعة في حق ابنهما بل هم أيضا قد أساءوا في مقاطعتهم لوالدك, إذ للولد على أبيه حقوق, وإن كانت حقوق الوالد أكبر وأعظم.
وقد ذكرت – أيها السائل الكريم – أن لك عند جديك حظوة ووجاهة, وأنهما ذكرا أنك أحب حفيد إليهما, فبادر رحمك الله باستغلال هذا الود في إصلاح ذات البين , وتقريب وجهات النظر, ووصل الأرحام بعضها مع بعض, فهذا من أعظم القربات وأجل الأعمال الصالحات , قال سبحانه: لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا {النساء:114}, وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة قالوا بلى قال صلاح ذات البين فإن فساد ذات البين هي الحالقة لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين. رواه الترمذي وصححه الألباني.
للفائدة تراجع الفتويين رقم: 104587، 112160