الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلم أولا أن مسائل الخصومات لا بد من عرضها على المحاكم الشرعية أو ما يقوم مقامها إن لم توجد لأنها هي القادرة على فض النزاع وقطع أسباب الخصام وإعطاء كل ذي حق حقه وإلزام كل طرف بما يجب عليه، لكن تنزلا عند رغبتك نجيب على سؤالك بشيء من الاختصار لكثرة ما ضمنته من التساؤلات الفرعية فنقول: قد أوردت جملة من التساؤلات في سؤالك أهمها:
1- مدى أحقية زوجتك في منعك من سكنى بيت الزوجية.
2- عدم سعي أخيها في الإصلاح بينكما وإعانته إياها على ما هي عليه، وهل له الحق في مطالبة الزوج بما أنفق على أخته وأولادها لما امتنع الزوج من ذلك بغرض التأديب.
وجوابا على ذلك نقول: إن كان ما أنفقته في تصليح البيت بنية المشاركة فيه لا بنية الهبة ونحوها فلك الحق في الرجوع بما أنفقت أو تكون شريكا في البيت بقدره، وإذا رضيت الزوجة بالشراكة فليس لها الحق في طردك منه ومنعك من سكناه؛ لكن لها الحق في مطالبتك بأجرة نصيبها فيه، فإن كان نصيبها فرضا 60% وأجرة مثله مائة فلها مطالبتك بدفع ستين عوض استغلالك لنصيبها وانتفاعك به، ولا يمكن إلزامها بالشراكة ما لم تكن أذنت فيها، وحيث لم ترض بها فليس لك إلا حق المطالبة بما أنفقت، ولا حق لك في البيت، وعلى فرض أن البيت خاص بها وما أنفقته أنت على تصليحه قصدت به التبرع والهبة لا المشاركة أو الرجوع فيه فلها الحق في منعك من سكناه ومطالبتك بسكن غيره لها ولأبنائها، إذ يجب للزوجة على زوجها أن يسكنها المسكن اللائق بها على قدر وسعه وطاقته ولو كانت غنية تملك بيتا أو غيره. قال تعالى: أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ {الطلاق:6}.
وإذا كان الأمر كذلك فلها الحق في منعك من دخول بيتها الخاص بها، وعليك أن توفر لها سكنا يليق بها سواء أكان هو إن رضيت تأجيره لك أو غيره، وليس لك قطع النفقة عنها لذلك، ولأخيها الحق في مطالبتك بما أنفق عليها وعلى أبنائك إن كان نوى الرجوع به عليك.
وأما نقله إياها من البيت إلى غيره بقصد الإضرار بك فلا يجوز له، وإن كان نقلها استجابة لطلبها ولم يقصد الإضرار بك فلا حرج عليه لأنك أهملتها هي وأبناءها وتركتهم عرضة للضياع مغاضبة منك.
ومهما يكن من أمر فلا ينبغي أن يصل حال الزوجين إلى مثل هذا الأمر من الطرد والخصام، كما لا ينبغي لأهل الزوجة إعانتها على الخلاف مع زوجها، بل ينصحوها ويسعوا في الصلح بينها وبين زوجها لما في ذلك من التعاون على البر والتقوى. قال تعالى: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ{المائدة:2}.
فهذا واجبهم وهو عين المصلحة لابنتهم وأولادها، كما ننبه هنا إلى أنه ليس للزوجة منع زوجها من تأديب أولادها لكن دون الشدة والغلظة عليهم، فإن فعل نصحته بالتي هي أحسن دون تعنيفه وخصامه، إذ يدرك بالرفق واللين ما لا يدرك بالعنف والشدة، ولا ننصح بالطلاق لكي لا يبقى الأولاد عرضة للتشرد والضياع، ما لم تستحل العشرة بين الزوجين، ويستحكم الشقاق، وقد فصلنا القول في مسوغات إيقاع الطلاق على الزوجة، وحكم ضرب الأبناء وكيفية تأديبهم، ومدى أحقية الزوجة في مطالبة زوجها بالسكن المستقل الخاص بها، ودور أهل كل من الزوجين في الحياة الزوجية للزوج والزوجة فانظره في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 51460، 104147، 64660.
والله أعلم.