الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فأما الآية الأولى وهي قوله تعالى: فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ {البقرة:275}، فتتناول حكم آكل الربا قبل نزول آية تحريمه، وأنه إن انتهى إلى حكم الله وامتثله، فما كان اكتسبه قبل ذلك من الربا لم يلزمه رده وهو حلال له، قال سعيد بن جبير والسدي: فله ما سلف .. فله ما كان أكل من الربا قبل التحريم. انتهى.. وهذا حكم كل من كسب مالاً من حرام قبل إسلامه، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 109868.
وأما من أراد التوبة من أكل الربا بعد ثبوت التحريم، وقد بقي له شيء من دينه على غريمه، فيلزمه أن لا يأخذ شيئاً فوق رأس ماله، لقوله تعالى: وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ {البقرة:279}، قال الألوسي: فله ما سلف.. أي ما تقدم أخذه قبل التحريم لا يسترد منه... وقيل: المراد لا مؤاخذة عليه في الدنيا ولا في الآخرة فيما تقدم له أخذه من الربا قبل. انتهى.
وقال في الآية الثانية: (فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ) تأخذونها لا غير (لاَ تَظْلِمُونَ) غرماءكم بأخذ الزيادة (وَلاَ تُظْلَمُونَ) أنتم من قبلهم بالنقص من رأس المال أو به وبنحو المطل. انتهى.. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 53497، والفتوى رقم: 71421.
والله أعلم.