الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن إيثار الأبناء على البنات في العطية من أفعال الجاهلية، ولا يسوغ للمسلم فعل ذلك، بل يجب العدل بين الأبناء والبنات في العطية، فذلك أدعى لبرهم بالوالد جميعا وأرفع للشقاق بينهم، ففي الحديث: اتقوا الله، واعدلوا بين أولادكم. متفق عليه. وفي الحديث: سووا بين أولادكم في العطية، فلو كنت مفضلا أحدا لفضلت النساء. رواه البيهقي وحسنه ابن حجر.
و في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبشير بن سعد لما جاءه ليشهده على موهبة وهبها لابنه النعمان. قال له: يا بشير ألك ولد سوى هذا؟ قال نعم. فقال: أكلهم وهبت له مثل هذا؟ قال: لا، فقال: فلا تشهدني إذاً، فإني لا أشهد على جور. وفي رواية أنه قال له: أيسرك أن يكونوا إليك في البر سواء؟ قال: بلى، قال: فلا إذا.
وقد اختلف العلماء في صفة العدل بين الأولاد في العطية، فقال بعضهم العدل أن يعطى الذكر مثل حظ الأنثيين كالميراث، وقال آخرون يسوى بين الذكر والأنثى، وهذا القول الأخير هو المرجح في موقعنا، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: سووا بين أولادكم في العطية، فلو كنت مفضلاً أحداً لفضلت النساء.
وبناء على هذا فإذا لم يكن هناك مسوغ شرعي لما وقع من تفضيل فيسوغ، لكن تكليم الأهل في الموضوع، ويجب رد هذه الهبة أو تعديلها بحيث يسوي بينكم، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لمن أراد أن يفضل بعض أولاده على بعض: ألك ولد سوى هذا؟ قال: نعم، فقال: أكلهم وهبت له مثل هذا؟ قال: لا، قال: لا تشهدني فإني لا أشهد على جور. وفي رواية: أنه قال له: فاردده. رواه مسلم وأصله في البخاري.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: يجب عليه أن يرد ذلك في حياته كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم، وإن مات ولم يرده رد بعد موته على أصح القولين أيضاً طاعة لله ولرسوله، ولا يحل للذي فضل أن يأخذ الفضل؛ بل عليه أن يقاسم إخوته في جميع المال بالعدل الذي أمر الله به. انتهى.
وراجعي الفتوى رقم: 21597، و الفتوى رقم: 6242.
هذا، وننصحك بإطلاع الأب والأم على هذه الفتوى، وإطلاع الصالح من إخوانكن عليها، فلعل الله جل وعلا يشرح الصدور للحق.
والله أعلم.